برقية مستعجلة إلى محمد طملية
مالك العثامنة
14-10-2008 03:00 AM
لا شيء يجمعني بمحمد طملية إلا لقاءين عابرين على قارعة رصيف،وأصدقاء مشتركون، وموت سبقني هو إليه.
المسافرون يحزمون حقائبهم ويرحلون، طملية حزم رأسه وأمره وذهب..ترك سيجارته تشتعل على طرف منفضة ما، لم يطفئها كي لا تشعر بقراره الأخير، واختفى خلف الدخان الذي لا يراه إلا المغادرون.
عابث لم تستفزه الحياة بقدر ما استفزها فأعطته تسريحا منها مشروطا بالوجع، تشفيا من عناده وتصعلكه، وقدمته للموت أضحية، والموت حالة لا تعرف الاستفزاز، الموت كهف مغلق وبارد، ومحمد طملية بكل عبثيته وجنونه وفوضاه لا يمكن له أن يستفز الموت، لقد كانت تركيبته مصممة لاستفزاز الحياة بكل تفاصيلها، لم يكن مبرمجا لموت موجع كهذا.
يكتب بخط يده الموهنة على رسم لناصر الجعفري أنه ليس نادما على أي شيء، وانا شخصيا أشك بزعمه هذا، فالعابثون دوما في حالة ندم، والمتصعلكون على الرصيف ما كانوا ليتصعلكوا لولا هذا التتابع الاعتباطي للأسف في داخلهم على الأشياء، كل الأشياء.
طملية.. لقد وهن القلب منا واشتعل العمر خيبات.
لك الرحمة