مدن يركعها النظام وأرياف تسيطر عليها المعارضة
طارق مصاروة
03-12-2016 01:36 AM
حين نلقي بالكلام على عواهنه، نقول: لا حل ينهي الكارثة في سوريا إلا الحل السياسي، وكأننا بهذا الختام ننهي قضايا المصالحة واعادة الاعمار الاجتماعي والاقتصادي، وفتح الابواب امام عودة الملايين الذين غادروا وطنهم وتشتتوا في العالم الواسع الى بيوتهم ومدنهم وجيرانهم، وبناء آلاف المصانع والجامعات والمستشفيات واعادة الخضرة الى وجه الحقول السورية المغطاة بالشوك.
في النهاية: الحل السياسي لا يختلف عن الحل العسكري فالاساس هو اعادة الحياة الى الجسم الممزق، واعادة الدم الى العروق والاوردة، وشبك العلاقات القومية بين كيانات الوطن الواحد بعد كل هذا التمزق.
لا رابح في هذا العراك السوري المُنهِك والكل خاسرون، ومعنى ذلك ان قوة ما وطنية ليست مؤهلة لاعادة الاعمار واعادة الدولة، واعادة وحدة الشعب، فالنظام ملطخ بالدم ولا يبرر نفسه أمام شعبه بالقول: إن التدخلات الاجنبية هي التي كانت مسؤولة عن المذبحة، ذلك ان النظام هو الذي استورد الايرانيين والافغان والحرس الاممي العراقي واللبناني والباكستاني، وهم ينتمون الى طائفة مهتمة بالسيطرة على جميع الطوائف، فلا فرق بين داعش السنة ودواعش الشيعة، وبين نصرة السنة وبين حزب الله، وانصار الله، ومئات المسميات التي ترفع كل يوم شعاراً.. هذا الى جانب الروس، وذلك ان المعارضة صارت معارضات بتركيا وقطر والاخوان.. وهي مسؤولة عملياً عن نقل الاحتجاجات الشعبية السلمية الى رفع السلاح في وجه الدولة.
هناك سيناريوهات للحل السياسي، وهي امكانية تفاهم اميركي – روسي، وتفاهم ايراني – تركي، وتفاهم شيعي – سني، وتفاهم خليجي يوحد الموقف، ومن يريد ان يجد حلاً للكارثة السورية فإن عليه ان يجد حلاً للكارثة العراقية واليمنية واللبنانية، فقد انفرطت المسبحة العربية وصارت بدداً، فمن يعيدها الى دورتها بين الاصابع العربية والاقليمية والدولية.
إن القول بانه: لا حل غير الحل السياسي، لا يعني شيئاً، وهو – كما قلنا – لا يختلف عن الحل العسكري إلا في عدد المذبوحين في الشوارع، وآلاف الجرحى الذين لا يجدون مستشفى واحداً في شرق مدينة حلب ومنبج والباب ودير الزور والغوطة والحرمون وحمص وحماة.
سوريا صارت الان مدنا يركعها النظام، وريف تتجبر به المعارضة، فأين ستكون سوريا في البحث عن السلام، او في البحث عن نصرٍ مُدان؟
عن الرأي