لست مختصاً في المال والاقتصاد لكن خبرتي المتواضعة في مجلس النواب ومجلس الأعيان والحكومة أكسبتي قدرة على قراءة الموازنات. فقد اعتدت على الكتابة الفكرية والسياسية والاجتماعية لكنني اليوم أقحم نفسي رغماً عني للحديث في الاقتصاد. وحجتي في ذلك عدم انفصال الفكر والسياسة والاجتماع عن السياسة، كما إن أرقام الموازنة أذهلتني وبخاصة العجز الذي بلغ (1604) ملايين دينار ونزل الى (827) مليون دينار بفضل وجود منح بلغت (777) مليون دينار .
وحين أنظر في بند الإيرادات أجدها (8119) مليوناً منها المنح السابق ذكرها أي ان الإيرادات المحلية (7342) ومعنى إيرادات محلية أي ما دفعه الشعب من رسوم وضرائب!
أما النفقات فقد بلغت (8946) مليون دينار الجاري منها (7629) بينما النفقات الرأسمالية (1317) مما يعني محدودية الإنجاز.
والملاحظ في بند نفقات 2017 أنها زادت عن العام 2016 وهذا هو المذهل رغم ان الحكومة قد أوقفت بند شراء السيارات وبنود استهلاكية أخرى فلماذا هذه الزيادة في النفقات؟!
إن زيادة الإنفاق في موازنة عاجزة أمر غير مفهوم اقتصادياً حيث يفترض في أية دولة تعاني من العجز أن تقتصد في النفقات وتشد الحزام على بطنها بدءاً ببطن الحكومة ومن ثم بطن الشعب!
أما مطالبة الناس بشد الحزام بينما سراويل المسؤولين تعاني من الانفلات والسقوط فهذا يؤدي الى انكشاف العورات فهذا فعل يخدش الحياء.
لقد ارتفعت النفقات بنسبة 2،4% فهل من تفسير؟ ومهما كان التفسير فهو غير مقبول لأن العجز سيتم تعويضه من الاقتراض كما يعني زيادة المديونية بمرور الزمن !! وعلينا أن نتذكر أن مديونيتنا كانت قبل عشرين سنة سبعة مليارات بينما تزحف الآن باتجاه الأربعين فهل السياسة الاقتصادية التي تحملها الحكومات المتعاقبة ستبقى في إطار فرض الضرائب ورفع الأسعار والاقتراض؟
إننا بأمس الحاجة بل الضرورة إلى سياسة اقتصادية مختلفة من أبرز عناوينها عدم وجود عجز في الموازنة وعدم الاقتراض وعدم رفع الأسعار وهذا يتطلب البحث عن ابتكارات اقتصادية منها الترشيد ومنها الاستثمار ومنها إعادة النظر في التعليم ليصبح مساهماً في الإنتاج الحقيقي وليس منتجاً لجيوش المتعطلين عن العمل ومنها إعادة النظر في التقاعدات الفلكية والعقود الخيالية والتوظيف المفصل ، ولهذا فإنني من دعاة رد الموازنة ونحن بانتظار موقف مجلس النواب.