قد تكون الديمقراطية أفضل نظام للحكم توصلت إليه البشرية بعد تجارب طويلة ومريرة ، ومع ذلك فإن الديمقراطية ليست بدون عيوب.
ولدت الديمقراطية في أثينا ، وكانت ديمقراطية مباشرة ، أي أن كل الشعب يصوّت ويقرر ما يريد. والمفروض أن هذه الصيغة مثالية ، ومع ذلك فإن أغلبية المواطنين لا يتوفر لديهم الإطلاع الكافي الذي يسمح لهم باخذ القرار ، ومعنى ذلك أن الذين لا تتوفر لهم المعلومات ، هم الذين يحسمون نتيجة التصويت ويأخذون قراراً مبنياً على الجهل.
من الناحية العملية فإن الديمقراطية المباشرة لم تعد ممكنة ، مما قادنا إلى الديمقراطية بالتمثيل ، أي أن المواطنين ينتخبون ممثليهم في البرلمان ليصوتوا ويقرروا ويعبروا عن إرادة الشعب.
لكن المشكلة أن الانتخابات العامة ليس شاملة. في حالة الأردن مثلاً بلغت نسبة المشاركة في الانتخابات الأخيرة 37% فقط ، وحصل الفائزون على 19% من الأصوات فكيف يمكن أن تمثل هذه الأقلية رأي الشعب؟.
في استطلاع رأي أن 70% من الشباب في بريطانيا يؤيدون البقاء في الاتحاد الأوروبي ، ولكن 36% فقط ذهبوا إلى الصناديق وأدلوا بأصواتهم.
تأتي يعد ذلك تعقيدات القضايا المطروحة ، التي لا تصلح فيها كلمة نعم أم لا ، كالتصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي حيث أدلت بأصواتها مجموعات لا تدري ما هي نتائج هذا الخروج!.
ينطبق ذلك في حالتنا على التصويت لصالح اتجاهات موسعة مثل الدولة المدنية ، حيث لا يمكن القول بأن الذين لم ينتخبوا قائمة الدولة المدنية يفضلون دولة دينية أو عسكرية.
إرادة الأغلبية قد تكون مخطئة ، يكفي القول بأن 51% من الأميركيين يؤيدون منع المهاجرين المسلمين من دخول أميركا ، وتؤيد نسبة مشابهة السماح للطلبة في سن 14 أن يحملوا السلاح في المدارس ، فهل يعقل أن تؤخذ هذه الانحرافات مأخذ الجد لمجرد أنها حصلت على إرادة الأغلبية.
وأخيراً ماذا نقول عن أولئك المبدعين الذين يجاهرون برأي مخالف للتيار العام ، هل نعتبرهم رواداً في الرأي ام خصوماً للإرادة الشعبية.
أخيراً فإن الكونجرس الأميركي ، الذي يفترض أنه يمثل إرادة الناخبين ، رفض وضع قيود على شراء وحمل السلاح بالرغم من أن 90% من الشعب الأميركي يؤيد هذا الإجراء ، وبعد ذلك نقول أن الديمقراطية بالتمثيل تعبر عن إرادة الشعب. وأن الشعب مصدر السلطات ولكنه يمارس السلطة عن طريق نوابه المنتخبين.
الراي