أعترف أن فكرة الهجرة راودتني عندما كنت يافعا , ومن منا لم يفكر لكن السؤال لا زال يطاردني , هل كانت ظروفي ستكون أفضل حالا لو فعلت ؟.
هذا السؤال المعلق لم يعد يطارد مئات الشباب ممن يفكرون اليوم في الهجرة ويأخذونها على محمل الجد .
كنت أستمع صباحا الى برنامج إذاعي طرح السؤال الذي وضعته عنوانا لهذا المقال , أجاب أربعة من خمسة متصلين بنعم , بينما ردد واحد منهم العبارة الشهيرة , لا بلد مثل بلدي , حتى لو كانت الظروف قاسية وإن خيرت سأبقى لكن لا خيار فلا منافسة عادلة .
ما الذي يدفع الشباب الى التفكير بالهجرة حتى إستدانة المال لتنفيذها , بالتأكيد الأوضاع الإقتصادية الطاردة وقلة فرص العمل وتدني الدخل , لكن هم بالتأكيد سيصمدون لو ترسخت قناعتهم بعدالة الفرص المتاحة وبمبدأ تكافؤ الفرص .
ليس جمهور المهاجرين أو الراغبين في الإقدام على هذه الخطوة من طبقة غير المتعلمين , بل أن خيرة العقول والكفاءات الأردنية هي التي تسكنها هذه الفكرة , ويعملون على تنفيذها مثل حلم كان يراود كثيرا من الشباب الذين إعتدنا على رؤيتهم يصطفون في طوابير أمام السفارات طلبا لتأشيرة أو هجرة , لكن الطموح في أوضاع أفضل كان دافعهم , بيد أن مهاجري اليوم فإن البحث عن فرصة في مكان ما هو الدافع الوحيد.
هناك شريحة واسعة من الشباب لم يغادروا الأردن طلبا للرزق أو لفرصة فقط , وأسبابهم ليست مادية فقط , بل إن بعضهم كان سيفضل دخلا مقبولا لو وجد الرعاية والعدالة والتقدير والأهم تكافؤ الفرص.
لماذا تهاجر بعض الكفاءات الأردنية الى الخارج ..! لا أتحدث هنا عن الكفاءات الذين تطلب خبراتهم دول الجوار . ولا أعني اولئك الخريجين الجدد من المبدعين في تحصيلهم العلمي ممن انضموا الى صفوف العاطلين قبل ان يظفروا بفرصة عمل في الخارج . ولا اتحدث عن اولئك الذين تركوا اعمالهم بحثا عن فرص عمل لتحسين مستواهم المعيشي . انما اعني بالسؤال اولئك الذين بلغوا مراتب وظيفية مميزة ومستوى دخل مناسب في مختلف مؤسسات الدولة لكنهم تركوها فجأة وتركوا معها كل شيء . امالهم وطموحاتهم وفضلوا أن يحققوا ذاتهم في بلاد الاغتراب.
ليست هذه الشريحة فقط , فلا يكاد يمر يوم الا ونسمع فيه عن تأسيس أردنيين لشركات في الخليج أو في أوروبا وحتى أميركا وكندا وغيرها من الدول , فهجرة رجال الأعمال هي الأسوأ وأسباب هجرة المستثمرين الأردنيين الى أسواق أخرى باتت معروفة وإستثماراتهم التي تكبر في بلاد الإغتراب و تحمل وسائل الإعلام أنباءها بين فترة وأخرى تدل على فداحة خسارتنا .
الراي