محاولات فهم العنف الجامعي
هشام الخلايلة
27-11-2016 08:58 AM
المراقب للأحداث المؤسفة في اول واهم جامعاتنا الاردنية يشعر بالحزن والأسف الى ما وصل اليه شبابنا في دور التعليم في الاْردن من انحدار للقيم والاخلاق، واستمرار مسلسل التعصب الى العائلة والقرية بدون التفكر بمآلات مثل تلك العصبيات والنعرات.
وفي محاولاتنا الى فهم أسباب العنف في قطاع التعليم بشكل عام، حيث لا يخفى علينا جميعاً أن مدارسنا تعاني أيضاً من موجات عالية من العنف أدت في كثير من الأحيان الى نزاعات عائلية كبيره ولكنها لم تحظ بالاهتمام الذي تحظى به الاحداث الجامعية بسبب طبيعة واعمار المتورطين في النزاع..
وبداية يجب علينا فهم أسباب العنف حتى نكون قادرين على معالجته والحد منه، ومن اهم أسباب العنف هو التنشئة، حيث إن الطفل الذي تربى في بيئة مليئة بالعنف او تتخذ العنف كملاذ لمعالجة اي خلاف يقع داخل الاسرة تقوم ببعث رسائل سلبية الى هذا الطفل مفادها أن العنف هو الوسيلة الوحيدة او الأفضل لمعالجة أي مشكلة، وبالتالي فإن ذلك الطفل ينمو على صراعات تبدأ مع اخوانه وأخواته في البيت ثم تنتقل تلك الصراعات الى الحي الذي يقطنه، وتستمر معه في المدرسة ثم الجامعة، وعندما يقوم بتأسيس أسرة يقوم بممارسة ذلك العنف الذي تعلمه اثناء فترة الطفولة على زوجته واولاده وهكذا تستمر دوامة العنف، وسيولد أطفال يمارسون السلوك العنيف في دائرة مخيفة اذا لم يتم التدخل المبكر لدى الأسر والمجتمعات لوقف هذه الدوامة المقلقة والمكلفة.
إن مفهوم العائلة او العشيرة قد تبدل وتغير على مر السنين، فبعدما كانت العشيرة عنوان الحفاظ على السلم المجتمعي، وتطوير أطر المحبة والتعاون بين أبناء العائلة او العشيرة الواحدة، أضحت وبسبب انفلات المنظومة الاخلاقية وظهور اجيال ضحلة التفكير، سريعة الغضب لا تفهم من العشائرية سوى العصبية والتعنت والعنف، أصبحت العائلة او العشيرة هماً يحمله العقلاء من أبناء تلك العشائر، وتكاليف أمنّية باهظة تتكبدها الدولة.
إن من اهم ركائز المنظومة الاخلاقية هو العلم، وبالتالي فأن المدارس عليها واجب اخلاقي كبير يبدأ بعدم لجوء المعلمين او ادارة المدرسة الى العنف تحت اي ظرف، بل يجب على المدارس وضمن برامجها اللامنهجية دعوة الآباء والامهات وتثقيفهم بأهمية نبذ العنف في البيوت وان تتعاون مع العائلات من خلال وجود اداري في المدرسة يسمى الربط العائلي حيث يقع على عاتق ذلك الاداري والموجود في كل مدرسة مهمة الربط بين التعليم والتربية من خلال تقديم حلول ونصائح للعائلات بكيفية التعامل مع اولادهم في حال وجود ما يستدعي ذلك.
وأولا وأخيرا الاسرة وهي المكون الرئيسي للمجتمعات، وعدم إعطاء الأسر الأهمية التي تستحقها اوصلنا الى مستوى من العنف اصبح يهدد السلم المجتمعي، وهنالك إجراءات اذا ما بدأنا بتطبيقها قد تكون لها آثار إيجابية في منع او تقليل العنف المجتمعي وهي: زيادة الوعي الاسري باهمية تجنب استخدام العنف كوسيلة لمعالجة مشاكلنا في بيوتنا من خلال قيام الوزارات المعنية كوزارة التنمية الاجتماعية بتنظيم ورش عمل للآباء والامهات في جميع مناطق المملكة، أيضاً من خلال تشجيع المنظمات والجمعيات غير الحكومية بتثقيف المجتمع وخاصة النقابات على اختلافها حيث أن تنظيم محاضرات وورش عمل توعوية باهمية نبذ العنف قد يكون اولى اللبنات الرئيسية لخلق ذلك الوعي في عقول الآباء والامهات.
اما من الناحية القانونية، فقد يكون لتغليظ العقوبات على مفتعلي العنف المجتمعي باسم العائلة او العشيرة دور في تقليل العنف في مجتمعنا الاردني، وأخيرا وبدون تكاتف الجميع من وزارات ومؤسسات ومنظمات وجمعيات وعشائر لن نستطيع وقف العنف او الحد منه، فالعنف نتائجه تصيبنا جميعاً ولا بديل عن تعاوننا لوقفه.
حمى الله اردننا المحبوب من كل مكروه
* خبير فُض نزاعات/استراليا