اللامركزية .. مشروع ريادي نظري يحتاج ريادة في التطبيق
د. أشرف قوقزة
26-11-2016 02:57 PM
لا تزال العديد من الأوساط الشعبية والحكومية تبدي اهتماماً ملحوظاَ ومتزايداً بنظام الإدارة اللامركزية، هذه الفلسفة التنظيمية التي تمتد في جذورها إلى الماضي البعيد منذ أن ظهرت المنظمات إلى الوجود، ومن ثم تعددت أنواعها ومستوياتها في دول العالم الحديث، حيث أثبتت التجارب العالمية المعاصرة تحقيق تطبيق اللامركزية خطوات هامة في مجال التنمية الشاملة والتي تستحق أن تكون مثالاً يحتذى به، وتكمن الفكرة الأساسية المطروحة في الأردن كمرحلة أولى لتطبيق اللامركزية كما هو معروف إلى إعادة توزيع الصلاحيات والمسؤوليات والموارد المتعلقة بالشؤون الإدارية والتنموية والخدمية ذات الطابع المحلي بين الحكومة والمحافظات، والتي توجت مؤخراً بإصدار قانون اللامركزية رقم (49) لعام 2015 والأنظمة والتعليمات الصادرة بمقتضاه.
وتشكل اللامركزية بما تمنحه من صلاحيات أوسع للهيئات المحلية، إطاراً ملائماً لتحقيق الإدارة الفضلى للموارد المحلية المتاحة والكامنة، وتوسيع نطاق المشركة الشعبية في اتخاذ القرار، وإشراك المواطنين بشكل أكثر فاعلية في إدارة شؤونهم وتحقيق الإصلاح الشامل في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري، لتحقيق التنمية الشاملة المستدامة، وإعادة توزيع مكتسبات التنمية بعدالة وشفافية لتقليص الفجوة التنموية بين المحافظات، وتعزيز الدور التنموي للمحافظين والتحول بدور المحافظ من الدور الأمني إلى الدور التنموي القيادي، والعديد العديد من الايجابيات التي لا يمكن حصرها.
كل هذه الأهداف الجوهرية تجعل من نظام اللامركزية مشروعاً ريادياً بامتياز، إلا انه يبقى لهذه اللحظة مشروعاً ريادياً من الناحية النظرية، والذي يحتاج إلى ترجمة فعلية على ارض الواقع، واتخاذ كافة الإجراءات التمهيدية لتطبيقه وبشكل ريادي أيضاً، الأمر الذي يتطلب التعاون والتنسيق بين جميع مكونات الدولة من حكومة وقطاع خاص ومؤسسات مجتمع مدني وأفراد، لتعميم هذه الفكرة والتعامل معها بشكل أكثر جديه واهتمام باعتبارها برلمانات محلية تضطلع بمهام عظيمة ومؤثرة، وإيصالها للمواطنين الذين يشكلون اللبنة الأساسية فيها بكل وضوح وتفصيل لأهدافها وأهميتها كنقطة تحول في دورهم الإداري والتنموي في اتخاذ القرار ،وتحفيزهم على المشاركة في إنجاح هذا المشروع الذي لا زال يكتنفه الغموض بالنسبة للكثير من غير المختصين.