حين تكون الأردنيةُ هي الوطنُد. محمد القضاة
26-11-2016 09:47 AM
تقرأ وتتعجب، تسمع وانت غير مصدق، تمشي في الجامعة فتقفز امامك ايامك الاولى فيها، حين كانت الاردنية تقول صمتي وتنبض عروقي، البيت الدافئ، موطن الروح ومركز العقل، وموئل الحب والحياة، تُفشي الذي أبدي عني، لأنها أول المشوار، رضعت فيها البيان والصرف والإعراب، وكنت أجوع لحرف وأقتات الكلمات، عرفت فيها أبواب الحياة، علمتني كيف أنقش حروف الحياة وكيف يتعلّم الرجال، وأمدتني بعلمها وفكرها ونورها وحضارتها، ولم تبخل عليّ بشيء. إنها جامعة الوطن الأولى ومصنع الرجال ومركز الوعي الحضاري وعقل الأمة وضميرها وسندها وساعدها، وحين تعود بنا الذكريات إلى أيامها الأولى التي أجدها منبع الحب والوجد والعشق والذكريات والشباب، تتعالى في داخلك الذكريات والاسئلة وتتواتر وكأنها تقول: ماذا يجري، ولماذا كلّ هذا العنف؟ مَنَ المستفيد مِن العنف الجامعي ولمصلحة من الاساءة لسمعة الجامعة الاردنية حين تكون هي الوطن؟ لماذا كل هذا التحشيد والحقد على الجامعة وكل من فيها؟ لماذا تتفاقم هذه الظاهرة بهذا الاتساع وتنتشر اخبارها مثل النار في الهشيم، وحين تقرأ الأسباب تضع يدك على قلبك من تفاهة الاسباب وتهافتها، وتقول في نفسك لماذا هذا العنف غير المبرر؟ ولماذا كل هذه المقالات والكتابات والتعليقات في المواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والمقاطع المرئية؟ وحين تتأمل الصورة من الداخل وانت تعيش الحدث بنفسك تدرك حجم الحقد الذي يقارفه بعض المغرضين من كُتّاب الظلام الذين لا هدف لهم غير الهدم والنقد على كل المستويات وفي كل المناسبات، وكأنهم في اسواق المزايدات، لا هم لهم غير توجيه الاتهام، والهدف البعيد خدمة طرف على حساب ام الجامعات! ومن يتابع الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الجامعة الاردنية يجدها لا تتجاوز رغبة محبي الفوضى الذين يسعدون بأوجاع الناس ولا يحبون لإحدٍ النجاح أو التغيير، هؤلاء جُبِلوا على الانانية والحقد والتلذذ بأوجاع الشباب، والجامعة ليست ساحة حرب لتصفية حسابات اي طرف لطرف أخر، وها هي ثقافة العنف تنتشر في البيت والمدرسة والشارع والجامعة وفي كلّ مكان، بين الأفراد، وبين الفرد والمجتمع، أليست الأسرة هي الحلقة الاجتماعيّة الأولى التي تردع العنف؟ ولماذا يغيب الحوار فيها؟ ألا يساعد ذلك على انتقال السلوك والعادات من جيل إلى آخرَ انتقالاً آليًّا من غير أدنى إحساس بالمسؤوليّة؟ وهنا تنتشر ظواهر الكذب، والكذب المضادّ، والنفاق، والادّعاء، والنرجسيّة، وحبّ الذات، والخداع، والظلم، والعلاقات المزيّفة بين الناس، والعنف ضدّ المرأة، كلّ ذلك يفضي إلى أجواء مشحونة تؤدّي إلى عنف في التربية، عنف تتسلسل ثقافته إلى كلّ مرافق حياتنا الاجتماعيّة، يأتي على كلّ شيء، تنهار معه ثقافةُ الحوار والاختلاف والقبول بالآخر، ويغدو المجتمع مفتوحًا على الاحتمالات كلّها، وحينها يعيش السَّجَّانُ والسجين في رعب وخوفٍ كبير، ويصبح السِّلْم الاجتماعيّ استثناءً وشذوذًا، وها هي تلك الثقافة تدبّ في جامعاتنا وتستشري بين طلابنا، تتمرّد على الواقع وتتخطّى حدود الأعراف الأكاديميّة وتعتدي على القيم الأخلاقيّة والإنسانيّة، وتلحق الأذى الماديّ والمعنويّ بالطلبة والمؤسسات الجامعيّة والوطن برمّته، وها هي ثقافة العنف تنتشر على حساب ثقافة الحوار، وللأسف يأتي هؤلاء الشباب للجامعة وقد ترسخت فيهم هذه التربية، ويأتون الجامعة جاهزون في سنٍ لا تستطيع الجامعة ان تغير من تفكيرهم العنيف الا القليل!
أما الطلبة، فمنهم من يستحقّ أجمل الأوسمة، ومنهم من يعرف هدفه ويحترم نفسه وجامعته وثقة أهله، ومنهم الجادّ والمجتهد والذكي الذي يتحمّل المسؤوليّة، غير أنّ بينهم من لا يرى أبعد من أنفه، وهؤلاء القلّة يسرقون استقرار الجامعات، هؤلاء من يحتاجون إلى حزم وعزم لا يلين من البيت والمدرسة والجامعة والمجتمع والوطن، يحتاجون إلى قرارات صارمة ترفض التحاقهم بأيّ جامعة مهما كانت الأسباب والظروف؛ كي تحافظ جامعاتنا على سمعتها ورسالتها العلمية.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة