بين عيون عادل وعيون الوطن
عدنان الروسان
25-11-2016 06:32 PM
إن إمكانية إحداث تغيير تاريخي جذري في مسار الحياة السياسية والحزبية الأردنية نحو الأفضل أمر غير ممكن الآن ولا تتوافر النية ولا الأدوات لدى الدولة ولا لدى الغالبية من النخب إن لم يكن كلها لإحداث هذا التغيير، كما أن الشارع لا يلح على المطالبة في التغيير أو الإصلاح وهو شارع مدجن مستكين إلى أقصى الحدود، إن الجهد التعبوي الإعلامي والثقافي والفكري الرسمي الذي من المفترض أن يشحن طاقات المجتمع بالقوة اللازمة غير موجود أصلاً ولا يبدو أن أحدا يريده أن يكون موجوداً ولهذا فإن روح الجماعة في الشعب الأردني غائبة عن الوعي تماماً ولا علاقة لها بما يجري في كواليس السياسة ومطابخ صناعة القرار السياسي المحلي، كما أن النخب المؤثرة بدورها غائبة عن الوعي فيما يخص كواليس ومطابخ صناعة القرار الإقليمي والدولي.
إن قيام نائبة في البرلمان منتخبة من الشعب وناجحة لأن القانون فصل هكذا كي تنجح أو على حساب الكوتا والتي تتعارض مع نصوص الدستور الأردني بالتصويت على منح الثقة للحكومة من أجل عيون عادل (من أجل عيون الدكتور عادل أمنح الثقة) يشعرنا بالأسى والمرض والحاجة إلى التقيؤ، ونحن الذين كنا نظن أن هؤلاء وتلك الذين دفع بهم الشعب (واحسرتاه على هذا الشعب) لمجلس النواب سيقومون بما يجب أن يقوموا به من تشريع ورقابة في سبيل الله، أو الحد الأدنى من أجل عيون الوطن أو الشعب أو القيادة، ولكن تبين أن العمل جار على قدم وساق من أجل عيون عادل.
وبعد هذه المقولة لم يعد المعني بعادل، عادل نفسه إيا يكن والذي أشعرتنا النائبة بأن المجلس أقرب إلى أجواء الغزل الجامعي منه إلى مجلس نواب لدولة عريقة محتاجة إلى أقصى درجات الجدية، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار مواضيع الملوخية المجففة والبريد الورقي المتبادل بين النواب والوزراء أدركنا أنه عليه العوض ومنه العوض وأن الأرقام لا تغير المضامين وأن الخل أخو الخردل وأن السابع عشر والثامن عشر هما صنوان كما يبدو، وإن كان هناك بعض الأعلام في هذا المجلس ممن نشفق عليهم ونحزن أن يكونوا في هذا المعترك وهذا المشهد الذي يصل إلى مدارك تشعرنا بكثير من الاستحياء كمحمد نوح القضاة وصالح العرموطي.
يغيب عن وعي ووجدان القائمين على العملية السياسية أنهم إنما يدفعون بالأمور إلى أن تصل إلى حواف الهاوية، وأن إبقاء الأمور على ما هي عليه وشيطنة كل حركة إصلاحية حتى تتبدى وكأنها انقلاب إنما يضر بمصالح الوطن العليا ايما إضرار وأن حواري الإصلاح لابد أن تكون مليئة بمصابيح الحق وليس من الحكمة تكسير تلك المصابيح حتى لا نتعثر جميعنا وننقاد إلى ما انقاد إليه غيرنا في الإقليم وليس هناك تحصين للشعوب والمجتمعات مثل الصدق والصراحة والإخلاص في النية والعمل وأن يكون المسؤول عاملا والعامل خادما والخادم مخلصا وأن يكون السيد هو الشعب لأنه أهون على صاحب الحل والربط أن يغير كل يوم مسؤولا على أن يغير الشعب الذي لا يمكن استبداله.
لن يكون هناك تغيير إذا لم ينظر أهل الحل والربط في دوائر صنع القرار إلى الأمور نظرة مختلفة وأن يصغوا إلى من يظنونهم خصوما فهم ليسوا كذلك وإنما محبون صادقون والطبيب قد يبدو خصما في أعين مريض يتألم من وخزة الإبرة، والحذّاء (بتشديد الذال) قد يبدو خصماً للحصان وهو يصلح له ما تأذى في ساقه، إن النظر إلى الأمور عبر النصوص التاريخية التي لا تكذب ومن خلال ما حدث وما يحدث قد يساعد من يظنون أنهم محصنون منا وأننا محصنون من غيرنا وقلوبنا يملؤها الخوف من المستقبل القريب لأن ما يحدث يشعرنا بالقلق وما تظن أنك قادر على السيطرة عليه للأبد قد تجده في لحظة واحدة خارج إطار قدرتك وقوتك وعندها ستقعد مذموما محسورا ولا يليق بنا هذا.
أما مجلس الملوخية وعيون عادل... فلا نقول له إلا لا حول ولا قوة إلا بالله، فجعتنا فيك و" كل الحكاية عيون بهية".