الملك: تدفق اللاجئين أرهق ميزانيتنا والبنية التحتية
24-11-2016 05:31 PM
عمون - أكدت المباحثات التي أجراها جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول، في العاصمة كانبيرا اليوم الخميس، ضرورة توسيع حجم التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية بين الأردن وأستراليا.
وتناولت مباحثات جلالته ورئيس الوزراء الأسترالي، التي جرت في مقر البرلمان الأسترالي، سبل تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وتطلع المملكة للاستفادة من الخبرات الأسترالية في مجالي التقنيات الزراعية الحديثة، والتدريب المهني والتقني.
وركزت المباحثات على التطورات التي تشهدها أزمات الشرق الأوسط، خصوصا الأزمة السورية وجهود محاربة الإرهاب.
وأكد جلالة الملك، في هذا السياق، ضرورة تكثيف التعاون والجهود الإقليمية والدولية لمحاربة خطر الإرهاب والتطرف، ضمن استراتيجية شمولية، مشددا جلالته على أن الإرهاب الذي عانت منه العديد من الدول في العالم، بات يهدد الجميع دون استثناء.
الأزمة السورية
وفيما يتعلق بالأزمة السورية، شدد جلالته ورئيس الوزراء الأسترالي على أهمية التوصل إلى حل سياسي لهذه لأزمة، يحافظ على وحدة سوريا وسلامة شعبها.
وفي هذا الصدد، أعرب جلالته عن تقديره لأستراليا على دعمها للأردن والدول المستضيفة للاجئين، لافتا جلالته إلى الأعباء الكبيرة الناجمة عن أزمة اللجوء السوري والضغوطات التي تشكلها على موارده.
وفي تصريحات صحفية مشتركة، عقب المباحثات، أعرب جلالته عن شكره وجلالة الملكة رانيا العبدالله على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال من قبل حكومة وشعب أستراليا، وقال "إنني سعيد جدا بوجودي هنا اليوم في أول زيارة رسمية لبلدكم الجميل والرائع".
وأضاف جلالة الملك أن "هذه الزيارة تأتي في وقت له أهمية تاريخية، نحتفل فيه بعلاقاتنا التاريخية الممتدة، حيث يحيي الأردن الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى"، والتي شهدت مشاركة جنود أستراليين ونيوزيلانديين إلى جانب القوات العربية.
وأكد جلالته الحرص على الاستمرار في تعميق العلاقات بين البلدين، "في ضوء جميع التحديات التي تواجهنا"، وقال " إنني على يقين بأننا سنستمر في العمل معا بكل أخوية وعزيمة، وكما أشرت دولة الرئيس، إلى توقيع بيان مشترك لتعزيز التعاون في عدة قطاعات وأهمية ذلك في أنه يأتي بعد مرحلة من التنسيق الوثيق على المستوى الدولي في مجلس الأمن الدولي، حيث عمل الأردن وأستراليا وبشكل مشترك على ثلاثة قرارات، تتعلق بدخول المساعدات الإنسانية إلى سوريا".
وشدد جلالته، في هذا الصدد، على أنه يجب على المجتمع الدولي أن يواصل العمل لإيجاد السبل الكفيلة بمعالجة أزمة اللاجئين غير المسبوقة، التي تسبب بها الصراع في سوريا.
وقال إن الأردن "تحمل حجما كبيرا من أعباء هذه الأزمة، بما يفوق المطلوب والمتوقع منه، نيابة عن العالم أجمع".
وعبر جلالته عن شكره لحكومة وشعب أستراليا على مساهمتهم ودعمهم، وعلى تعهدات بلادهم خلال مؤتمر لندن للمانحين، بالإضافة إلى استضافة 12 ألف لاجئ سوري، غالبيتهم كانوا يقيمون في الأردن، وقال إن "هذه مسؤولية أخلاقية عظيمة وليست بغريبة على بلدكم وشعبكم".
وأكد جلالته أن تدفق اللاجئين "أرهق ميزانيتنا والبنية التحتية، وبوجودنا هنا ومعكم نود التعبير عن الشكر والتقدير للدعم الذي قدمتموه للأردن".
ولفت جلالته إلى أنه "بالإضافة إلى الأثر الإنساني للأزمة، أريد أن أؤكد ضرورة استمرار الجهود من أجل تحقيق حل سياسي يشمل جميع مكونات الشعب السوري".
كما أكد جلالة الملك في تصريحاته الصحفية أنه "ما دامت هذه الحلول لم تتحقق في المنطقة، فإن الصراع الطائفي والعنف سيتفاقمان، وستبقى الجماعات المتطرفة تشكل تهديدا للأمن العالمي".
وقال جلالته "يجب علينا ألا ننسى أن قضايا المنطقة مترابطة، وأن المتطرفين يوظفونها لحشد المتعاطفين. والصراع الفلسطيني الإسرائيلي يقع في صميم هذه القضايا".
وتابع جلالته قائلا إن "عدم إحراز تقدم في عملية السلام، بعد عقود من الصراع والاستفزازات الإسرائيلية المستمرة في القدس وأماكنها المقدسة، لا يزال يشكل عنصرا محركا للمتطرفين في منطقتنا، بل وأبعد من ذلك"، مشددا على أن هناك حاجة إلى إحراز تقدم حقيقي على مسار السلام، وأن الأردن على استعداد لتقديم الدعم بكل السبل.
وأعرب جلالته عن ثقته بأن "الأردن وأستراليا، وبحلول عام 2017، سيعملان جنبا إلى جنب للتعامل مع شتى التحديات، ليس في منطقتنا فحسب، بل في العالم أجمع".
وقال جلالته "أؤكد مجددا على قوة صداقتنا، وأُكرر مضينا يدا بيد، كما وأتطلع إلى استضافتكم واستضافة حكومتكم في الأردن عندما تسنح لكم الفرصة بذلك".
من جهته، قال رئيس الوزراء الأسترالي، مالكولم تيرنبول، في التصريحات الصحافية، "يسعدني أن أبدأ بالتعبير عن احترامي لجلالتكم وشكركم على زيارتكم. لقد عقدنا مباحثات مثمرة جدا، ولا أظن أنه يوجد أحد في المنطقة أقدر من جلالتكم على إحاطتنا بطبيعة التحديات في منطقتكم وبهذا القدر من الحكمة وبُعد نظر".
وأضاف "قبل أكثر من أربعين عاماً، في آذار 1976، حظيت أستراليا بشرف استقبال والدكم – الراحل - جلالة الملك الحسين، واليوم نرحب بكم".
وأكد تيرنبول أن "المملكة الأردنية الهاشمية هي من بين أوثق شركائنا في الشرق الأوسط، ولقد قمت جلالتك، وعائلتك، بقيادة بلدكم وشعبكم بحكمة عظيمة وسط منطقة تعيش أكبر حجم من التحديات في العالم".
وقال "نحن نقدر الشراكة الوطيدة بين أستراليا والأردن، والقائمة على الاحترام المتبادل، ووجهات نظر ورغبة مشتركة للإسهام في إحلال الاستقرار والأمن".
وتابع "صداقتنا، وكما أكدنا سابقا، تاريخية ومستمرة، يبلغ عمرها قرنا من الزمن، منذ الثورة العربية الكبرى، عندما حاربت القوات الأسترالية والعربية جنبا إلى جنب".
وأكد تيرنبول أن "علاقاتنا المشتركة قوية جدا، ومع ذلك فنحن مستمرون في تمتينها، واليوم بدأنا فصلا جديدا بتوقيع البيان المشترك لتعزيز التعاون، ونحن ملتزمون بالارتقاء بعلاقاتنا المشتركة إلى مستوى أعلى، وتعميق علاقاتنا القوية أصلا".
وشدد على "أن البيان من شأنه أن يوسع التعاون في مختلف مجالات شراكتنا"، وقال "سوف نبحث عن فرص جديدة لتوسيع الروابط الاقتصادية، وسنبني على شراكتنا السياسية من خلال عقد اجتماعات وزارية منتظمة، وسوف نستمر معا في تقوية تعاوننا، القوي أصلا في مجالات الأمن والتعاون في مكافحة الإرهاب، إلى جانب الروابط القوية بين أجهزتنا العسكرية".
وقال "كما ناقشنا في الأمس مع وزرائنا، سنعمل على تمتين شراكتنا القوية في توفير المساعدات الإنسانية لشعبي سوريا والعراق، واللذين يستضيف الأردن منهما، وبكل كرم، مئات الآلاف من اللاجئين".
ولفت رئيس الوزراء الأسترالي إلى أن بلاده خصصت مبلغ 220 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات استجابةً للأزمة السورية، إضافة إلى 213 مليون دولار تم تقديمها على شكل مساعدات إنسانية منذ العام 2011.
وقال "يسعدني أن أعلن أيضا أننا قمنا اليوم بتوقيع وثيقة مهمة أخرى، وهي مذكرة تفاهم حول مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. وكأعضاء رئيسيين في التحالف الدولي لمحاربة داعش، فإن الأردن وأستراليا يقفان معا في رفض أؤلئك الذين يسعون لفرض وجهات نظرهم الضالة على الآخرين عبر بث التفرقة والعنف"، مضيفا "أن مذكرة التفاهم هذه هي مثال على الخطوات العملية التي تأخذها حكومتانا لمواجهة آفة الإرهاب العالمي".
وقال رئيس الوزراء الأسترالي مخاطبا جلالة الملك "على مدى 17 عاماً كنت مصدراً للاستقرار والتحديث في بلدكم والمنطقة، وكما أوضحت في بيان الأمن القومي في تشرين الثاني من العام 2015، فإن تقوية التعاون مع الأردن خطوة مهمة وأساسية لضمان شرق أوسط أكثر أمنا واستقرارا. وبالنسبة لأستراليا، فليس هناك من شريك في الشرق الأوسط جدير بالثقة أكثر منكم".
وتابع "لقد كان لك دور رئيسي في تعميق شراكتنا وتفاعلنا، لذا نشكرك يا صاحب الجلالة على تفانيك المستمر على مر سنوات عديدة، من أجل السلام والأمن وتقوية العلاقات، القوية أصلا، بين شعبينا العظيمين والتي يمتد عمرها لقرن من الزمن".
وشهد جلالة الملك ورئيس الوزراء الأسترالي، توقيع بيان مشترك أردني أسترالي، ومذكرة تفاهم بين البلدين في مجال التعاون الأمني لمكافحة غسيل الأموال.
ووقع البيان والمذكرة عن الجانب الأردني نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، ناصر جودة، فيما وقع البيان عن الجانب الأسترالي وزيرة الخارجية، جولي بيشوب، ومذكرة التفاهم، وزير العدل ومساعد رئيس الوزراء لشؤون محاربة الإرهاب، مايكل كينان.
وحدد البيان المشترك ستة محاور رئيسية للتعاون الاستراتيجي بين البلدين، في المجالات السياسية، والاقتصادية، ومحاربة الإرهاب، والدفاع، والمجال الإنساني، وحماية الحدود.
وأكد البيان على ما يجمع الأردن وأستراليا من صداقة قوية قائمة على الاحترام المشترك، ورؤية ومساع دولية مشتركة، وعلاقات ود متبادلة بين شعبيهما.
وقدرت أستراليا، من خلال البيان، وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني على الأماكن المقدسة في القدس، والدور الخاص للأردن في إدارة هذه الأماكن، كما تثمن أستراليا أهمية أمن واستقرار الأردن لمستقبل منطقة الشرق الأوسط.
وعلى صعيد التعاون المشترك، اكد البيان، أن البلدين سيعملان على رفع مستوى التعاون والتشاور حول القضايا الاستراتيجية ذات الاهتمام المشترك، ليشمل تعزيز العمل بينهما للاستجابة للتحديات الناجمة عن الصراعات في سوريا والعراق.
وفيما يتعلق بالشأن السياسي، سيستمر البلدان في توسيع آفاق التواصل والتعاون بينهما من أجل الاستجابة للقضايا الإقليمية والدولية، وسيسعيان لتحقيق ذلك عبر لقاءات دورية على المستوى الوزاري، وكبار المسؤولين الرسميين.
ويسعى البلدان للعمل من أجل التوصل إلى حلول سياسية لمختلف النزاعات في المنطقة، ومن بينها الصراع المستمر في سوريا، وعلى وجه الخصوص، الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي طال أمده، والحاجة إلى التوصل إلى حل الدولتين من خلال مفاوضات مباشرة، الذي يتيح قيام الدولة الفلسطينية في المستقبل، والتي تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، وضمن حدود معترف بها دوليا.
وبخصوص العلاقات الاقتصادية، فإن الأردن وأستراليا، وحسب البيان المشترك، يقدران الروابط المشتركة بينهما في مجالات التجارة والاستثمار ونقل السلع الرئيسية، والخدمات والاستثمارات التي تصب في مصلحة شعبيهما.
ويلتزم البلدان ببناء اقتصادات قوية تستفيد من بعضها البعض، كما يتعهدان بالبحث عن الفرص الكفيلة بتسهيل وتعزيز التجارة الثنائية واستكشاف سبل تطوير الاستثمار.
وعن جهود محاربة الإرهاب، والتعاون في مجال الأمن وإنفاذ القانون، أكد البيان على دور المملكة الرئيسي والفاعل في الحرب العالمية ضد الإرهاب، ودورها أيضا بالغ الأهمية في السعي نحو إعادة السلام والاستقرار إلى المنطقة.
وعلى صعيد التعاون في مجال الدفاع، ثمن البيان التعاون الدفاعي بين البلدين، وأكد على المبادئ والالتزامات الواردة في مذكرة التفاهم في مجال التعاون الدفاعي بين أستراليا والأردن، حيث سيعمل البلدان على تقوية التعاون الدفاعي بينهما، من خلال، تعزيز التدريب وتبادل الخبرات.
وعن التعاون في المجال الإنساني، لفت البيان إلى دور الأردن الذي يستقبل، رغم موارده المحدودة، أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين، والعراقيين، والفلسطينيين وغيرهم، مؤكدا البيان أن أستراليا تحث المجتمع الدولي على زيادة دعمه للمملكة، تقديرا لما تقوم به نيابة عن العالم أجمع في هذا المجال.
وأكد البيان أن الأردن وأستراليا شريكين وثيقين في الاستجابة للتحديات الإنسانية في المنطقة، ويدركان حجم الدمار والعواقب الإنسانية التي نجمت عن النزاع.
وأشار البيان إلى ما قدمته أستراليا كمساعدات إنسانية، لدول الجوار لسوريا، التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، ومن بينها الأردن، حيث تعهدت أستراليا بتقديم 220 مليون دولار إضافية للاستجابة إلى آثار الصراع في سوريا، وجزء كبير من هذا المبلغ سيذهب إلى الأردن.
وأكد البيان أن هذه المساعدات تدعم "وثيقة الأردن" للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين، والتي أقرها الأردن والمجتمع الدولي خلال مؤتمر لندن في شهر شباط من العام 2016، حيث ستركز المساعدات على دعم المجتمعات المحلية المستضيفة، من خلال دعم طويل الأمد لقطاع التعليم وسبل المعيشة.
كما تلتزم أستراليا بمواصلة دورها كأحد المانحين البارزين لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، بما في ذلك المملكة الأردنية الهاشمية، وقد التزمت بالمساهمة بـ 80 مليون دولار على مدى أربع سنوات، اعتبارا من عام 2016.
وأكد البيان أن أستراليا تثمن تعاونها مع الأردن، إذ تنفذ التزامها للعام 2015 باستضافة 12 ألف لاجئ إضافي جراء الصراعات في سوريا والعراق، وجزء كبير منهم يتواجد حاليا في المملكة.
وحضر المباحثات رئيس الديوان الملكي الهاشمي، ونائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين، والسفير الأردني في أستراليا.