انسحاب الاردن من القمة العربية الافريقية .. لماذا ؟
د. عدنان سعد الزعبي
24-11-2016 03:12 PM
من الطبيعي جدا ان تنسحب الاردن من القمة العربية الافريقية , بعدما اصرت المنظمة الافريقية مشاركة وفد جبهة الصحراء الغربية الذي يلقى معارضة مغربية على اعتبار ان ذلك اعترافا صريحا بسيادة هذه الجبهة واستقلالها وانسلاخها عن المغرب.
خيرا فعل الاردن وركب الدول العربية الذين ادركوا ان موقف المنظمة او القائمين على عقد القمة ما هو الا محاولة للقفز فوق حقائق السياسة والجغرافيا حتى والدبلماسية الاممية التي تحاول الوصول الى حلول ترضي الجميع بل تسعى هذه المنظمة الافريقية التأكيد على الاسباب والمسببات التي تديرها دول افريقية واروبية لتعزيز شرعية مطالب البوليساريو او من يدعم البوليساريو . على اعتبار ان اختزال المواقف الخاصة بالمشاركين بهذه القمة ومصادرتها وتحويرها الصالح الجبهة مسألة غير منطقية ولا وجود لها بالسياسة الراقيه او الدبلماسية النبيلة, فالعرب جميعا لا يقبلوا مشاركة الجبهة , خاصة وانهم يدركون حجم وطبيعة الصراع ومن يقف وراءه.
منذ عام 1973 اي منذ نشأت جبهة البوليساريو وتولي الولي مصطفى السيد الرقيبي رئاستها لم تستطع منظمة الوحدة الافريقية من النجاح في اجتماعاتها نظرا لحالة التوتر التي خلقتها عملية اعتراف المنظمة عام 1982 بهذه الجبهة, والنزاع السياسي الذي يمارس بين الدول المغاربية جراء ذلك، فالجزائر ترفض الهيمنة المغربية على الصحراء كما تقول وتدعم بشكل دائم هذه الجبهة واقامت لهامعسكراتها بالضبط كما فعلت ليبيا التي كانت اول من تبنى هذه الجبهة عام 1973.
حلول وحلول طرحت منذ بداية الثمنينات منها الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية او الاستفتاء العام ووكذلك التقسيم وكلها باءت بالفشل جراء تعنت موقفي المغرب والجزائر فاعتراف المنظمة عام 1982 والذي جاء بجهود جزائرية عمق من حدة الخلاف بينهما مما ادى لانسحاب المغرب من هذه المنظمة.
ما نشهده اليوم من تكرار لهذا السيناريو بالقمة العربية الافريقية انما يعكس مدى عمق الخلاف الذي لم يعالج ولم يتم وضعه على الطاولة لتحليله والخروج بافضل وانجع الحلول باعتبار ذلك اهم مسؤوليات المنظمة.
في هذه القمة وضعت الدول العربية على المحك وقدمت لامتحان كاد ان يكون خنجرا مؤلما في خاصرة المغرب , وشعرة معاوية التي ستؤدي الى المزيد من توتير العلاقة العربية العربية, فجاء الانسحاب الجماعي ليكون ردا صريحا على موقف المنظمة غير الموفق وانهاء صفحة كادت ان تدخلنا في محاكات جديدة من الصراع والمواقف السلبية التي نحن بغنى عنها . خاصة واننا في الاردن على مشارف استضافة القمة العربية في العاصمة عمان اذار القادم.
كان على المنظمة ان تراعي معنى تواجد الجبهة وابعاد ذلك قبل الشروع بتنظيم المؤتمر . الدول العربية لا تقبل ان تخذل المملكة المغربية او الدخول في نزاعات سياديه بين الدول , فانسحاب السعودية والامارات وعمان والاردن , لم يكن مجرد موقفا لصالح المغرب فقط بل للمنطق السياسي المتبع من المنظمة و المناهض لطبيعة عقد القمم والمؤتمرات الكبرى.
المغرب دولة عربية عضو في الجامعة العربية لها الاحترام فالاساس ان تعالج المنظمة هذا الموضوع وتتشاور وتتساعد مع زعماء الدول العربية للخروج من هذا المأزق قبل ان تحرج الدول وقادتها وتفجر مثل هذه القنبلة التي قد تمزق ما تبقى من تقارب بين الدول العربية.
الدول العربية المنسحبة ليست ضد شعب الساقية الحمراء ولا وادي الذهب ولا ضد البوليساريو والشعوب المكافحة ولكنها لا تقبل الحلول المجتزأة ولا على حساب اي طرف آخر خاصة وان هذه الجبهة تمول وتدعم من دول هدفها الابقاء على هذه الجبهة ليس حبا بها بل لتكون خنجرا في خاصرة المغرب. فهذه الجبهة كان لها دور كبير في اقصاء الزعيم الموريتاني ولد دادا في انقلاب عسكري وارغام العسكر على تسليم وادي الذهب في الاقليم الصحراوي للجبهة.
تصرفات المنظمة الافريقية لم ترتق لمستوى المنظمات التي تحترم ذاتها على الاقل وتحترم اعضائها وتحرص على علاقاتها مع الدول , ولم تعمل بتعظيم القواسم المشتركة وتدعوا المنظمات والمؤسسات والدول للمساهمة في معالجة القضايا الراهنة وان تستكمل ما بدأته الامم المتحده بمحاولات الاستفتاء والوصول لحلول ترضى بها الاطراف متطلعة للمحاولات السابقة التي تناولت لاستفتاء العام او الحكم الذاتي او التقسيم..
خير ما فعلت الدول العربية بالانسحاب من هذا المؤتمر والظهور بموقف واحد يرفض تمرير الكثير من النوايا غير السليمة وا ستغلال اوضاعها ؟ وخير اكبر ما قامت به الدبلماسية الاردنية عندما توافقت مع اشقائها العرب ودعمت موقفهم وتجندة بوحدة القرار , فالاردن يسعى دائما بمنهجه وثوابته الدفاع عن وحدة الامة وتقاربها والانتصار لها.