يتحدث البعض عن اثار ايجابية للازمة المالية الدولية على الاردن في الوقت الذي يشكل فيه رئيس الوزراء لجنة حكومية برئاسته لمراقبة انعكاس الازمة المفترض على اوضاعنا الاقتصادية فنكتشف المسافة الشاسعة بين نمطين من التفكير، ففي حين يتحدث البعض في القطاع الخاص عن انتعاش ناتج عن الازمة المالية الدولية والاقليمية تتحسب الحكومة من انعكاسات محتملة لتلك الازمة وبالتالي ترفع من درجة حساسية ادواتها لمنع وقوع ما لا يستحب.

التفكير بمسؤولية هو بالضبط ما دفع برئيس الوزراء الى اتخاذ قراره اما في الطرف الاخر من المعادلة فان الامر اكثر من محير وقد يدعو للتندر اذ كيف سيحدث الانتعاش في وقت تزحف فيه موجة الازمة لتصل دولا عربية نفطية وغير نفطية كما ان هبوط اسعار الاسهم في اسواق الكويت والعربية السعودية ودبي ومصر حدثت لشركات حققت ارباحا فلكية خلال هذه السنة بمعنى ان مستوى المتانة المالية للشركات لا تعكس نفسها على اسعار اسهمها وهذا يعني ان الازمة في البورصات سواء في الخليج او في مصر دولية المنشأ الامر الذي يجعلها غير قابلة للضبط او التوقع.

محللو الاسواق الخليجية يتحدثون عن قيام محافظ اجنبية بعرض كميات ضخمة من اسهم شركات خليجية عملاقة للبيع بصرف النظر عن السعر وكذلك بغض النظر عن مدى الارباح المتحققة لدى تلك الشركات وهو ما اشعل الازمة في تلك الاسواق بمعنى ان شركات رابحة تعرضت اسهمها للتراجع لاسباب لا تتصل بمتانة وضعها المالي بل برغبة اجنبية في تسييل اسهم تلك الشركات .

وبصرف النظر عن الاهداف التي دفعت بهؤلاء للتخلص من اسهم الشركات الخليجية فان نفس الدوافع قد تتشكل لدى مالكي اسهم في الشركات الاردنية وهذا يعني ان نجاح شركاتنا وتحقيقها للارباح ليس عاملا وحيدا لمناعتها من ان تصاب اسهمها بالتراجع غير المحسوب.

لن ندخل في تعقيدات الازمة المالية الدولية فقد اضحت مثل قصة الحية التي لكل فرد فيها رأي او تجربة لكن المهم لدى غير المتخصصين في الشأن الاقتصادي هو عدم توزيع التصريحات التي تتحدث عن فائدة اردنية متوقعة من ازمة عالمية فالذين يتبنون هذه الرؤية يشبهون البلد بحفار القبور الذي يفرح ان حصل مأتم.

أنعي هذا النمط من التفكير عندما اتذكر كيف كان البعض يروج لفكرة مفادها ان نجاح المرشح الجمهوري للرئاسة الاميركية جون ماكين من شأنه ان يديم التوتر الدولي وبالتالي يمتنع على الاسثمارات العربية قطع الاطلسي الامر الذي يجبر قسما كبيرا منها على التوطن في المنطقة وكمحصلة سنأخذ حصتنا منها وكاننا نريد للعالم باسره ان يبقى مشدود الاعصاب لكي نجلب بعض الاستثمارات .. هذا النمط من التفكير يثير الضحك لانه يربط انتعاشنا بخراب العالم وكأننا نعيش في كوكب اخر.

ما فعله رئيس الوزراء يدلل على جدية وروح مسؤولية واحساس بضرورة حماية السوق الاردني لذلك شكل لجنة حكومية برئاسته لمتابعة تفاصيل الازمة.

moc.liamg@idiabozimas