يا حبيبتي يا مصر .. يا مصر
سليم المعاني
11-10-2008 03:00 AM
قبل 35 عاما بالتمام والكمال كنت عائدا من عملي سيرا على الاقدام من جسر رغدان الى حي المهاجرين .. كان العاشر من رمضان / السادس من أكتوبر 1973 ... اعتدت ان اتوقف قليلا عند " أبو ابراهيم " وهو صاحب بقالة في شارع طلال ... ونتبادل اطراف الحديث حول موضوعات شتى ... على غير العادة كان " ابو ابراهيم في ذلك اليوم منتشيا فرحا تكاد الارض لا تسعه وهو ينصت الى المذياع .. سألته ما الاخبار ؟ أجابني انها الحرب ... لقد حطمت جحافل الجيش المصري خط بارليف ... والقوات السورية تتقدم في الجولان لم اتمالك نفسي فقهقهت حتى كدت انقلب على ظهري ... دهش صاحبنا فقلت له سمعنا من هذا الكلام الكثير الكثير ومضيت دون ان اصغي الى مناداته !!
عند جسر المهاجرين ... لفت نظري ان " ابو هاني " المبيض واشقاءه وعددا من المارة يتجمهرون امام المذياع وهو يصدح بالاناشيد الوطنية والبلاغات العسكرية ... وعلى بعد عدة امتار واذ بالمقهى قد فتحت ابوابه بالرغم من نهار اليوم العاشر من رمضان وتجمهر الناس فيه دون شراب او مطاليب ... وما ان اتجهت الى الشارع السفلي من الحي حيث اسكن واذ بالجيران رجالا ونساء واطفالا يتجمهرون امام فرن ابو زياد القبيسي وبقالة على وحسن الصورباهريين وبقالة ابو فتحي ويستمعون الى اذاعة صوت العرب فاذ بالحلم يكاد ان يصبح حقيقة ... كان الناس متعطشين لنصر يغسل ذل المهانة التي لحقت بالامة العربية من حد الماء الى حد الماء ... لقد فعلها من قبل أبطال القوات المسلحة الاردنية عندما مرغوا في التراب انوف علوج المعتدين الصهاينة في معركة الكرامة ... ورفض الراحل العظيم // الحسين // نداءات المعتدين ولاول مرة مطالبين بوقف اطلاق النار ... واصر ــ تنزلت عليه شآبيب الرحمة ــ انه لن ينصاع لنداءات وقف اطلاق النيران وعلى الارض الاردنية جندي واحد من جنود المعتدين وهكذا انتشت الامة بأول نصر بعيد هزيمة حزيران ..
مع ذلك كانت الجماهير العربية ضمآى الى نصر مؤزر يعيد الكرامة الى الامة ... فجاءت حرب رمضان المجيدة ... وسطر الجيشان المصري والسوري اروع صور التضحية والفداء وتحطم خط بارليف وتمكن المقاتل العربي بارادته القتالية من سحق جيش العدو ... واخذنا نباهي الدنيا ببطولات جيش مصر وسورية ... وكان اللواء المدرع الاربعين بقيادة العسكري الفذ خالد هجهوج المجالي عليه رحمة الله ورضوانه يسطر اروع معاني البطولة دفاعا عن سورية الحبيبة .
اما شاعرنا وفيلسوفنا الكبير الراحل تيسير السبول فقد كان في غاية النشوة وهو يردد في بدايات الحرب // ان صاروخ سام اجمل من اي قصيدة قد تقال // !!
لقد فعلها احفاد الفراعنة ... حطموا خط بارليف ... كما حطموا معه اسطورة الجيش الذي لا يقهر ... ونفق على الجبهتين المصرية والسورية 2656 قتيلا و7250 جريحا في صفوف الاسرائيليين ؛ وأدت نتائج الحرب الى استقالة غولدامائير والجنرال العازر .
اما لماذا لم تكتمل فرحة الشعوب العربية ... فهذه قصة أخرى ... فامريكا ـــ كالعادة ـــ انقذت اسرائيل من الهزيمة المؤكدة عندما اقامت جسرا جويا لنقل المعدات الحربية من طائرات مقاتلة وعتاد واسلحة مختلفة لاسرائيل ... وساعدتها بتزويدها بتحركات وتواجد الجيش المصري على ارض المعركة عبر الاقمار الصناعية ... مما مكن القوات الاسرائيلية من حصار الجيش الثالث ... وانجاز " ثغرة الدفرسوار " ... فأثر ذلك على الشعوب العربية كافة ودفع أديبنا وفيلسوفنا الكبير " السبول " لأن ينتحر !!
وعلى الرغم من ذلك فقد سطر الجيشان العظيمان المصري وشقيقه السوري ملحمة من ملاحم البطولة والفداء سيذكرها التاريخ حتى يرث الله الارض ومن عليها ..
ومن الدروس المستفادة حقيقة ان لا حرب بدون مصر ... ولا سلام بدون مصر ... فمصر هي التاريخ والحضارة والمجد ...
اننا ونحن نترحم على الشهداء الذين رووا ساحة الوغى بدمائهم الطاهرة الزكية ... ونبارك لمصر والامة العربية بذكرى حرب اكتوبر المجيدة نردد // يا حبيتي يا مصر يا مصر ... يا حبيبتي يا مصر يا مصر ...
ssakeet@hotmail.com