أسباب عنف الجامعات
المحامي الدكتور هيثم عريفج
24-11-2016 09:36 AM
يمر الاردن بمحنة حقيقية تتلخص في مشكلة العنف وعدم احترام القانون، كان احدث حلقات مسلسلها الطويل المشاجرة الواسعة في الجامعة الاردنية. ضارعين الى العلي ان تكون آخر حلقات هذا المسلسل الممل بحيث يتم اسدال الستار على مشاكل العنف الجامعي الذي ازداد بصورة مخيفة في الفترة الاخيرة.
شعر البعض من ابنائنا في الجامعات انهم اقوى من القانون ، مما يعطيهم الدافع لاخذ اي حق يرونه بانفسهم ، وقد تغذى هذا الشعور العام بالاعتداد بالنفس والعشيرة وعدم احترام القانون عبر السنوات الاخيرة بشكل مطرد ، حيث تمت الاساءة الى مفهوم الوطنية والعشيرة والانتماء الى افكار ومبادئ الوطن .
ان العشيرة هي نسيج اجتماعي تحافظ على الاخلاق والقانون ومصالح افرادها وترابطهم. تحافظ على الغير وتجير الضعيف وتنصره في حال تعرضه الى اي خطر، وليس كما فهمها البعض القليل على انها تعطيهم الحق والقوة بشكل يطيح بالقانون والمبادئ ارضاً .
منذ القدم والعشيرة هي الكيان الاجتماعي الذي يؤسس لاحترام الغير، المحافظة على سمعة العشيرة وشرفها هدف اساسي للجميع بحيث يكون ذلك رادعاً كبير لكل من يحاول الاساءة الى الغير باي شكل من الاشكال.
الا ان القلة القليلة من ابنائنا شعروا بان العشيرة تعطيهم قوة اضافية وامتيازات لا تتحقق الا لهم، واصبح هذا المرض يغطي عيون البعض عن الحق والواجب.
ان ما يحدث في الجامعات والشارع هو جريمة بحق الوطن والمواطن ، جريمة بحق المجتمع وبحق مستقبل الاردن. كذب من قال انه ينتمي الى الوطن ان كان يغذي هذه النزعة المقيتة. بل هو مجرم بحق الوطن والشعب الاردني . وهو خائن لمبادئ وافكار واخلاق الاردن .
من اهم الاسباب التي ادت الى ما وصلنا اليه؛ العمل المتواصل من قبل بعض الجهات المتنفذة لكي تضعف مفهوم الانتماءات الحزبية والثقافية والفكرية، بحيث حل مكانها العصبية الضيقة لمفهوم المناطق والاقليمية البغيضة، مما شجيع الكثيرين على تعصب اعمى وفكر ضيق، فتراجعت الثقافة والتفكير المتفتح لحساب تلك العقليات المغلقة. حتى اغانينا اصبحت لا تتحدث الا عن السلاح وطقطقة عظام العدو بدل الاغاني التي كانت تتغنى بجمال وروعة واناقة الاردن . فتحمس الشاباب دون توجيه صحيح ، واصبحت الرجولة والبطولة في نظرهم هي صورة العنيف المجابه لكل من يعارضه، لم يعد هناك مجال للتفكير والافق الواسع. كل هذا تم بفكر ضيق اساسه ان تقوية هذه الروح هي ما سيحافظ على استقرار الوطن من اي خطر مهما كان حتى لو كان خطر الديمقراطية.
لا بد من ايجاد علاج فوري لهذه الظاهرة الخطيرة. هذا العلاج يبدأ من دفع ابنائنا للتعقل والتفكير المستنير ، ان نفتح عيونهم على افق اوسع، افق يحترم حقوق الاخر ويحترم اختلافه، افق يحترام القانون ويحترم هيبة الدولة ، كل هذا يعد لبنة اساسية لاي مستقبل نطمح له . ليس من المعقول السماح بتدمير ما بناه الاردنيين في عقود . هذه الظاهره الخطيرة يجب معالجتها من داخلنا اولاً .
لا بد من بناء دولة القانون . بناء الدولة المدنية التي يشعر الجميع فيها بالعدالة ، وبان حقوقهم والتزاماتهم متساوية مع الغير ، لا ان يشعر اي كان بان له حقوق حصرية يتمتع بها دون غيره .
يجب نزع السلاح بكافة اشكالة ومحاسبة من يحمل سلاح غير شرعي بحيث تكون العقوبات رادعة . يجب وقف منح رخص السلاح ، فلا سلاح الا للجيش والاجهزة الامنية ومن تتطلب طبيعة عمله او سكناه ذلك وفي اضيق الحدود .
يجب تنمية الدور التوجيهي للاعلام، بحيث يتم بناء ثقافة اجتماعية على اساس التسامح والمحبة لا على اساس الانتقام.
نريد بناء اردن مستنير على اسس سليمه ، اساسها العلم والثقافة الواسعة ، ثقافة تحمل ابنائها على البناء و التطوير ودعم الاخرين ، كل هذا يضمن لنا الاستقرار والتطور ، واحترام حقوق الانسان .
حمى الله الاردن من كل شر وحمى شعبه واهله الطيبين من نار الفتنة والاحقاد .