للفسطيني فقط الحق في الإشتباك مع عدوه مستدمرة إسرائيل ، بالطريقة المتاحة له ، من أجل دوام الحفاظ على التواصل مع وطنه فلسطين ، حتى لو اضطر للحصول على تأشيرة دخول من السفارات الإسرائيلية ، مع أنني شخصيا ورغم العديد من المراجعات التي أجريتها ، لم أتوصل إلى تسوية مع نفسي في هذا السياق، وقد حاولوا في سفارتهم بعمّان الإتصال بي مباشرة وعن طريق طرف ثالث ، بعد أن علموا برغبتي في العودة إلى وطني فلسطين ، للمشاركة في تشييع جنازات أمي وأبي وأخي الأكبر على التوالي ، لكنني رفضت ذلك رفضا مطلقا ولم أتح لهم مجال التواصل معي.
أما العرب والمسلمون قاطبة، فإنه محرم عليهم دخولها سلميا وعن طريق السفارات الإسرائيلية ، أو الدعوات التي توجه لهم من وكيلة الإحتلال المندثرة التي يطلق عليها سلطة أوسلو، لأن مثل تلك الزيارات تندرج بدون ادنى شك في خانة التطبيع، ومن يطبع مع عدوه ، إنما هو مشارك له في عدوانه.
للتطبيع أشكال عديدة منها الزيارات التي نتحدث عنها، ويشارك فيها الساسة المطبعون أصلا ، ومن بعدهم رجال الأعمال الإنتهازيون، أصحاب مكاتب سياحية يحصلون على أسعار متدنية، وربما يحصلون على جوائز باهظة الثمن، لأنهم بإعلاناتهم يضللون البسطاء من الناس لزيارة القدس والصلاة في الأقصى ، علما أن برنامج الزيارة في معظمه يخصص لزيارة شواطيء البحر الأبيض المتوسط ، للتفرج على اللحم الأبيض هناك وإغراء البعض بالعودة ثانية، ويروي الأهل في فلسطين أن السياحة الخليجية إلى سواحل البحر المتوسط الغربية مزدهرة منذ زمن ، وانهم يشاهدون نمر السيارات الخليجية واضحة ، لأنهم لم يقوموا بتغييرها ، ليقال للفلسطينين هناك : ها هي أمتكم تأتي لتسوح على شواطئنا؟؟!!!
هناك من يبرر هذه الزيارات وفي مقدمتهم محمود ميرزا عباس غلوم وكيل الإحتلال المندثر ، الذي يناشد العرب والمسلمين بأن يشدوا الرحال لزيارة القدس والصلاة في الأقصى ، معللا ذلك بأنه دعم لصمود الشعب الفلسطيني ، وتحديدا في القدس ، لأن الزوار سيقومون بالشراء من المحال المقدسية ، علما وكما أسلفنا سابقا أن الزائر يمر مرور الكرام في القدس ويصلي في الأقصى ، ومن ثم يأخذونه للتمتع والإستجمام في مياه البحر المتوسط والتبرك بالمياه التي إحتضنت حسناوات صهيون.
أما النوع الثاني من التطبيع وهو لا يقل خطورة عن الزيارات ، فهو التعامل الإقتصادي والتجاري مع مستدمرة إسرائيل ، وهذه مسؤولية ثلاثية يتحمل وزرها الحكومات المعنية والتجار والشعوب التي تشتري المنتج الإسرائيلي ، ولا تسمع نصح الناصحين ، وخير مثال على ذلك المانجا الإسرائيلية التي تغزونا بسعر التراب ، لأن الإسرائيليين لا ينظرون إلى الربح المادي ، بل يركزن على الربح النفسي والمعنوي وهو كسر النفسية العربية بشراء المنتج الإسرائيلي.
وهناك نوع ثالث من التطبيع وهو الإنسحاق التام أمام العدو ، ويتمثل ذلك في تغيير مناهجنا الدراسية ، بما يتوافق مع الرغبة الإسرائيلية في تثبيتنا على طريقة الضربة القاضية في المصارعة ، و"تطهير " برامجنا من كل ما يوحي إلى عروبتنا وإسلامنا ، مثل حذف بئر زمزم وإسم فاطمة ومكة على سبيل المثال لا الحصر ، علما بأن المناهج الإسرائيلية تعج بكل ما هو إرهابي ضد العرب والمسلمين ، ولا أريد التذكير بما ورد في تلمود بابل على وجه الخصوص مثل :أرسل إلى جارك الأمراض.
لم تتمكن مستدمرة إسرائيل بالإنتصار علينا رغم الهزائم التي لحقت بنا ، بسبب طريقة خوض المواجهات ، لكنها إنتصرت إلى حد النشوة بعد توقيع المعاهدات معها ، وتوسعت في الإستعمار الإستيطاني ، وفتحت لها سفارات علنية في العديد من الدول العربية ، وهناك سفارات مخفية في بقية العواصم العربية ، وليس غريبا ما يتداول هذه الأيام بفعل التسريبات الإسرائيلية ، أن السودان الذي تحكمه حكومة ذات إتجاه إسلامي ، سيقيم علاقات دبلوماسية مع مستدمرة إسرائيل وأن الأمور قطعت مشوارا طويلا ، والأغرب من ذلك أن الرائحة زكمت الأنوف ، بعد زيارة عباس غلوم إلى الخرطوم ، وإقامة علاقات سودانية دبلوماسية مع سلطة اوسلو.
لم يعد الأمر غريبا ، أو متعلقا بالسذج من العرب والمسلمين الراغبين في الصلاة بالأقصى قبل الممات ، فهناك خيانة كبرى يتم التحضير لها وهي الإعلان عن سقوط دولة عربية إسلامية كبرى في الشرك الإسرائيلي ، وكشف المستور الذي يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل ، لأنني واثق جدا أن وسائل الإعلام الإسرائيلية الموحى إليها ستكشف وعمدا عن ملف العلاقات مع هذه الدولة ، وعموما لسنا بحاجة للتسريبات الإسرائيلية ، فمؤسس الحركة الصهيوينة د.ثيودور هيرتزل كشف عن السر مسبقا وحدد لنا المسار.
أمة مترامية الأطراف وعددها كثير وتنسحق أمام عدوها بالضربة القاضية ،لا تستحق العيش ، وفتشوا عن السبب الكامن في أصول ومنابت صناع القرار ، وجنسيات عشيقاتهم .