عذراً للفاسدين وناهبي المال العام
هاشم الخالدي
04-04-2007 03:00 AM
الى كل من يهمه الامر.. فقد وصلتنا رسالتكم واضحة وجلية ان المقصود باقرار قانون المطبوعات والنشر الذي اجاز حبس الصحفيين وتغليظ العقوبات المالية عليهم هو انكم لا تريدون صحافة تقنص الفاسدين وتقصف ناهبي المال العام وتكشف خبايا التجاوزات المالية في العطاءات وفساد التعيينات وفضائح العقود وغيرها وغيرها مما قد لا يعد ولا يحصى.
هم.. وبطبيعة الحال لا اعلم الى من اتحدث حتى هذه اللحظة... المهم انني سأتخيل شخصاً ما او جهةٍ ما مفترضة حتى احادثها في هذا الامر.
اعود واكرر.. هم يريدون ان "نخرس" وان نكمم افواهنا عما نشاهد ونسمع ونرى دون ان نتمكن من الكتابة الا في مجال المديح والتبجيل والنفاق المستتر والمعلن وايجاد الف ديباجة وديباجة لصفصفة الكلمات الجاهزة من اجل استخدامها في مصطلحات المدح والتفخيم لكل من لا يستحق الا زجه في السجون على ما اقترف بحق الوطن.
على مدى الاسبوع الفائت وتلك الايام التي امضيتها في الحبيبة بيروت بعيداً عن صخب السياسة واضمحلال الحريات الصحفية في الاردن اتخذت قراراً ناتجاً عن احباط شديد مما يجري بأن الجأ للحياد رغماً عني وان أُكمم فمي حتى اشعارٍ اخر بعيداً عما يسمونه الدخول في مشاكل انا بغنى عنها والا ادخلوني في مستنقع القضايا والقرارات والهواتف السرية واللجان التي يمكن ان تحيلني الى متهم ومدان ومطلوب للتنفيذ القضائي بسرعة البرق بهدف لعن سنسفيل اهلي بهدف تأديبي بتهمة انني.. "طويل لسان".
بعد هذه السنوات الطويلة من الكتابة بكل تلك الشراسة عن الفاسدين وناهبي المال العام وابطال التجاوزات الادارية والمالية في مؤسسات الدولة خرجت بألف قضية ادانتني لدى مختلف الجهات.. غرامات مالية واعتقالات وتوقيف وحبس وزج في النظارات ومطاردات تصل حد الارهاب وتهديدات تنزع الاستقرار من النفس واسافين بتحريك قضايا وقرارات حكم لها اول وليس لها اخر ارهقتني حد الملل والاحباط... قررت الان ان اتنحى عن الكتابة ضد اي فاسد... وها انذا اعتذر لكل هؤلاء الذين اطاحت بهم المحور وكشفت سرقاتهم للمال العام بعد ان نهبوا خزينة الدولة وتلاعبوا بعطاءاتها وبمقدرات الشعب الذي لم يعد قادراً عن تأمين "سندويشة فلافل" ارتفع ثمنها الى رقم خيالي قبل ايام.
هاانذا اتنحى بعد ان ادركت ان الفساد اضحى وحشاً كاسراً لا يريدوننا ان نواجهه أو أن نكتب عنه.
اما اولئك الفاسدون الذين استمرأوا نهب المال العام والعبث بمقدرات الوطن فاقول لهم, مبروك انكم اصبحتم الان في موقع القوة والنفوذ بعد ان كسر النواب اقلامنا واصبح لدينا قانون مطبوعات يهدد بانهاء حياة اي صحفي قد يتجاوز بالكتابة عن اسياده من المسؤولين الذين يتفننون في نهب المال العام.
... ايها الفاسدون عذراً لكم.. فقراري بالتنحي يأتي احتجاجاً على كل شيء وحرصاً على تأمين لقمة العيش... لابنتي بعد ان اغتالوا حقها في ان تفخر بابٍ كرس حياته في سبيل مكافحة الفساد..
... هاانذا اتنحى عن كتابة كل ما يمكن ان يصدع الرأس ويدخلني مجدداً الى سجن الجويدة وزنزانات البحث الجنائي لانهم يريدون صحافة.. بلا لون.. بلا رائحة.. بلا طعم.... وللحديث بقية.