السادة قادة ورموز الإخوان المسلمين المحترمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تعلمون أنّ جماعة الإخوان المسلمين إنما قامت للإصلاح والسعي لنهضة الأمة ووحدتها. وقد حققتْ إيجابيات كثيرة على الصعيد الخيري والإصلاح النفسي والاجتماعي والتعليمي والفكري إلا أن الجماعة لم تفلح على الصعيد السياسي لأنها لا تملك رؤية علمية تراعي الظروف وتعمل بفن الممكن بل راحت تتحدث عن مبادئ عامة كأستاذية العالم ووحدة بلاد المسلمين ونقاء المجتمع وتحرير فلسطين دون أن تكون لديها خطط تفصيلية تحسب فيها الإمكانات والقدرات والظروف المحلية والدولية.
ولا أحمّل الجماعة كل السلبيات بل هناك أشياء ناتجة عن التآمر الخارجي الدولي كما أنّ هناك أشياء حصلت وتحصل نتيجة لسياسات الأنظمة ومصالحها الداخلية والخارجية، ولكنني بصدد الحديث إليكم فلا بد أن ينصبّ على ما أراه واقعاً ضمن مسؤوليتكم. فالجماعة منذ عام 1928م لم تراجع نفسها وتظن أنّ كل ما كان من وسائل وأقوال في عهد التأسيس سيستمر رغم الثورة التكنولوجية التي اكتسحت العالم وحوّلته إلى قرية، وسقطت بناء عليه السريّة وصار كل شيء تحت ضوء الشمس.
والملاحظ لكل متابع أن الإخوان لا يستفيدون من تجاربهم بل يكررون نفس الأخطاء ويقعون في نفس الحفر ويُلدغون من نفس الجحور!!
وقادت تلك الأخطاء إلى خطايا ودماء وتشريد وسجون وإعدامات وما ينتج عن ذلك من تشريد اجتماعي وأرامل وأيتام ورأينا ذلك في مصر وسوريا وعبر فترات مختلفة.
أيها القادة المحترمون:
لقد سن الله تعالى سنناً لا تُحابي ومنها ما جاء في قوله تعالى:"وتلك الأيام نداولها بين الناس" وقد رأيتم بأم أعينكم زوال حضارات وامبراطوريات ودول وقادة وأحزاب فهل أنتم خارج سياق هذه السنة؟
لا تخدعوا أنفسكم وأتباعكم وأبناء تنظيمكم، فبداية العلاج الاعتراف بوجود المرض أما المكابرة فلا تفيد، فالحديد يصدأ، والإدارة تتراجع، والفكر يتجدد، والوسائل والأساليب تتغير وفق الزمان والمكان والإمكانات.
إنّ تقديس اسم الإخوان المسلمين يناقض ما هو مذكور على لسان المؤسس البنا الذي قال عن الاسم: (دعونا من هذه الشكليات)! وأنتم ترون دول العالم لا تعترف بهذا الاسم فلماذا تصرّون عليه؟ أليس مطلوباً التوافق مع القوانين السارية في الدول؟ ألا توجد قوانين لتنظيم عمل الأحزاب؟ فلماذا الإصرار على هذا الاسم؟
إنّ البكاء على الأطلال لا يفيد؟ وإنّ الوقوف عند الشكليات ليس فعل العقلاء.
وإنكم مدعوون لتكونوا قادة بالفعل بمراعاة القوانين والظروف الدولية وعدم الاستمرار في خداع الذات والأجيال.
إنكم مدعوون للإعلان عن تجديد الجماعة لنفسها بثوب جديد واسم جديد وأساليب جديدة ومنهاج جديد يقفز فوق المطبات والعقبات. فإنْ فعلتم ذلك فأنتم محافظون على روح جماعتكم وبقائها واستمرارها، أما إذا كانت الأخرى ورفضتم وأحلتم الأمر إلى القدر، وإلى وعود النصر المأمول فهذا شأنكم، ولن ينتظر القطار أحداً لأن الزمن لا ينتظر وبخاصة في عالم سريع الإيقاع تتلاحق فيه الأمور بطريقة لا يكاد يعرفها الإنسان فضلاً عن تحليلها وفهمها.
أرجو أن أكون قد نصحت لكم برسالتي هذه التي سبقتها رسائل كلها صادرة عن محب راغب لكم بكل الخير والله من وراء القصد.