أسمع كلامك أصدقك .. أشوف فعايلك أتعجب
د. صبري ربيحات
20-11-2016 12:27 PM
الحادي والعشرون من تشرين الثاني لهذا العام سيكون موعدا للجلسة الاولى التي سيمارس خلالها النواب المهام الموكولة اليهم بعد أن أمضوا أسبوعين من عمر الدورة الأولى في انتخاب أعضاء المكتب الدائم واللجان والاستماع إلى خطاب العرش وبيان الحكومة. الجمهور سيستمع إلى خطب رنانة وقد يظن البعض أن المجلس عازم على إطاحة الحكومة، أو أن صاحب الخطبة شخصية معارضة لا يعجبها العجب. في حقيقة الأمر من غير المتوقع أن نرى شيئا مختلفا عما ألفناه في المجالس السابقة، فما يقوله النواب على منصة الخطابة شيء .. وما يجيبون به عند المناداة للتصويت على الثقة شيء آخر...فلماذا يحدث هذا التباين بين الأقوال والأفعال؟
النواب تواقون ليتواصلوا من على منصة المجلس مع ناخبيهم، وينتظرونا بفارغ الصبر أن يعبّروا عن أنهم أصحاب سلطة يستمع لها الوزراء ويحظون باهتمام الإعلام. القدامى منهم يودون أن يقولوا شيئا مختلفا يعبر عن خبرتهم ووعيهم، والمستجدون يتطلعون إلى الكشف عن اتجاهاتهم وميولهم وصدقهم.
الجميع حرصوا على متابعة البيان الحكومي بكل تفصيلاته، والعديد منهم دخلوا في تمرين إسقاط ما قاله دولة الرئيس على واقع دوائرهم ومشاهداتهم. من بين المائة والعشرين نائبا هناك من لا خبرة سياسية سابقة لديهم، ومن بين الشابات والشباب الجدد من يحاول أن يتعرف على العملية والتأكد من القواعد التي تجيز أو لا تجيز بعض الأفعال تحت القبة وخارجها، وما التصفيق الذي اجتاح جنبات القبة بعد إنهاء الرئيس لخطاب الثقة والتوجه إلى مقاعد النواب أثناء إلقاء الخطاب وتهنئته على شرب الماء إلا نماذج من تصرفات تخالف قواعد السلوك والتصرف تحت القبة.
في كل مرة تشكل حكومة جديدة يتقدم رئيسها ببيان حكومي يشخص الواقع ويحدد الغايات والأهداف ثم يشرع في عرض السياسات التي سينتهجها والتشريعات التي سيعدلها والبرامج التي سيطرحها وصولا الى الأهداف التي قال إنه سيوصل البلاد إليها.
الكلمات التي سيلقيها النواب كتلا وأفرادا ستكون انتقائية تعكس اهتمامات النواب الفردية ومطالبهم المناطقية ومحكومة بمحددات الوقت المتاح لكل نائب والذي لا يتجاوز ربع ساعة للفرد ونصف ساعة للكتلة. باستثناء كتلة الإصلاح التي تشكلت قبل الانتخابات وخاضتها على أجندة يلتزم بها الأعضاء، فإن الكتل الأخرى لا أجندة سياسية أو اقتصادية مشتركة تحكم عملها ومواقفها، حيث جاء تشكيلها استجابة لمتطلبات النظام الداخلي والرغبة في وصول أعضائها لمواقع المكتب الدائم وعضوية اللجان. بعض النواب، إن لم يكن غالبيتهم، سيحاولون عرض مهاراتهم الخطابية وبيان قدر من الجرأة والاستعراض الموجه لدوائرهم وناخبيهم. في المحصلة النهائية سيبقى جزء من البيان الحكومي بعيدا عن كلمات وخطب النواب وعن مناقشة المجلس لما قدمته الحكومة من تصورات حول هذه الجوانب وسياسات وبرامج وتشريعات معالجتها.
الطريقة التي يناقش فيها نوابنا البيان الحكومي طريقة مجتزأة وعشوائية انطباعية لا تحتكم إلى بيانات ومنهج يمكن أن يساعد النواب والحكومة. من هنا فإن فعالية المجلس في مناقشة البيان الحكومي محدودة للغاية وتحرم المجلس والوطن من مناقشة عميقة تخصّب الأفكار والمقترحات والسياسات التي تقترحها الحكومة وتمكننا من الخروج ببرنامج عمل توافقي تنهض به الحكومة ويباركه النواب.
كان من الأجدى أن تتقاسم لجان المجلس العشرون البيان الحكومي حسب الاختصاص؛ فتتناول كل لجنة من اللجان السياسات والمحتوى والبرامج الواردة في ميدان اختصاص اللجنة وتقدم مقترحاتها وتوصياتها للحكومة لتضمينها أو التوافق عليها شريطة أن تكون اللجان صاحبة اختصاص فعلي وليس اسميا.
مناقشة البيان الحكومي ومنح الثقة أو حجبها، عمليات ينبغي أن تستند على مدى قدرة الحكومة على تشخيص الواقع واستخلاص التحديات ووضع الأولويات وصياغة السياسات الملائمة والتشريعات المناسبة والبرامج الفاعلة واختيار الفريق الحكومي القادر على تنفيذ السياسات والبرامج المقترحة..عندها يمكن للكتل والنواب أن يصوتوا بكل أمانة بالقول امنح الثقة..أو احجب الثقة..وبغير ذلك يكون التصويت انطباعيا أو جهويا إرضائيا،وقد يكون أخطر من ذلك، عندما يقايض النائب الثقة بالخدمات والتسهيلات، على اعتبار انه راعي الاولة.
"الغد"