هناك قانون قرأناه في الفيزياء في مرحلة مبكرة من أعمارنا يقول "إن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويعاكسه في الاتجاه" والأصل في حركة التاريخ أن تكون الأمة وقياداتها في دائرة الفعل لأنها تكون أقدر على معرفة ما تريد وتخطط له وربما تتوقع ردود الفعل وتخطط لها أيضا.
وبدءا بسيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقد كان في دائرة الفعل وحوله من الكفار ومن ثم الأمم أصبحت في دائرة رد الفعل وهكذا سارت حركة التاريخ بقوة.
وأقل ما في الأمور أن تكون بدائرة "رد الفعل" تساوي ما يفرض عليك من أحداث، فردة فعلك على التحدي هي المواجهة، وردة فعلك على التخريب هي العمران، وردة فعلك على الانسلاخ والاستلاب الثقافي هي بناء الذات الثقافية، وردة فعلك على الغطرسة والتجبر والاستكبار والظلم هي حشد قوى الخير بكل محاورها الثقافية والحضارية والفكرية والعسكرية و الاقتصادية وهكذا مئات الأفعال إن لم تصنعها فلا أقل من أن تواجه خطرها، لقد استرسلت في ضرب الأمثلة، ونحاول أن نسقطها على الواقع، فما هي دائرة الفعل لدينا؟ وما هي دائرة رد الفعل لدينا إزاء ما يجري على ساحة الأمة بكاملها؟
وإننا نعيش اليوم ردة فعل على الانتخابات الأمريكية، لماذا إنشغل العالم بها وتابعها ، أكثر من أي حدث آخر حتى لو كانت الدماء والأشلاء، لإن القاعدة تقول أن أهمية المكان حيث يتحرك التاريخ وردود الفعل عليه بمقدار هذه الأهمية ومن هنا كانت ومازالت ردة الفعل بهذه الصورة.
إن محصلة واقعنا "نجاح فردي وإخفاق جماعي" ولا يمكن أن نكون إلا إذا كان نجاحنا جماعيا وليس فرديا، كوطن صغير، ووطن أكبر، كأمة وشعب، هل لا زلنا نقرئ أبناءنا قانون الفعل ورد الفعل؟ وإذا كنا كذلك، هل يمكن أن نوظف هذا القانون في حيانا العملية بكل أبعادها؟ أم أن القانون يقرأ كغيره ونمر عليه دون أن نفعله، أم أنه ينطبق علينا قول الشاعر:
لقد أسمعت لو ناديت حيا
ولكن لا حياة لمن تنادي
نرجو ألا نكون كذلك، فكوامن الخير وبذوره لم تسحق، وهي بحاجة إلى أرض صالحة وماء نظيف وهواء نقي حتى يمكن أن تنشأ وتعيش من جديد.
drfaiez@hotmail.com