الكلف المالية المذهلة التي يدفعها الآباء والأمهات، لتعليم أبناءهم في الجامعات، باتت كلفا مرتفعة جدا، وصعبة التأمين، والدراسات تقول ان اغلب العائلات، باتت غير قادرة على تعليم اكثر من ابن واحد، جراء الفروقات بين الدخل ورسوم الطلاب في كل الجامعات الحكومية والخاصة.
نحن نتحدث عن فجوة خطيرة، ستؤدي قريبا، الى التوقف عن تعليم الابناء، فأغلب العائلات تجهد من اجل تعليم ابن او ابنة، وقد تبيع ارضا، اذا كان لديها هذا العقار، او تستدين من هنا وهناك، من اجل تأمين الطالب برسومه ومصاريفه، التي تكلف للبكالوريوس مبالغ لا تقل عن عشرة الاف دينار، في اربع سنوات، الى عشرين الفا، وتصل في حالات اخرى الى اربعين الف دينار، وفقا للتخصص وطريقة التسجيل، والنظام، وعدد الساعات، وطبيعة التخصص.
كيف يمكن لاغلب العائلات الاردنية ودخلها دون الثلاثمئة دينار ان تغطي هكذا كلف، وفي حالات هناك طبقة محدودة يعمل بها الاب والام، ودخلها اعلى نسبيا، من مستوى الثلاثمئة، لكنهم يواجهون اساسا مشكلة اعقد تتعلق بكثرة عدد الابناء والبنات، وبالتالي الحاجة الى كلف مذهلة، فوق نفقات العائلة ذاتها؟!
بالمعنى الاقتصادي، لم يعد التعليم منتجا، فالانسان يتعلم، من اجل رفع منسوب ثقته في نفسه في المجتمع، لكنه يخرج الى حياة مهنية بوظيفة يتراوح دخلها بين مئتي الى ثلاثمئة دينار، ولدينا الاف الادلة على ذلك، وهذا مبلغ، لايأتي معجنه بالخبز، ولايغطي نفقات مواصلاته واكله وشربه واتصالاته، ولربما يستدين من اجل تغطية مصاريفه في شهر.
معنى الكلام، اننا امام خلل خطير، شهادات بقيمة اكاديمية متدنية، بكلف مالية مذهلة، بفرص عمل سيئة ومتدنية الدخل، فلماذا اذا يتعلم كل هؤلاء ويضيعون عمرهم في هكذا تخطيط للمستقبل، في ظل عدم سماع احد، لكل هذه النداءات، لتصحيح الاختلالات، في الرسوم، وفي الاجور بعد التخرج، وفي توفير فرص العمل المتناقصة، والمتراجعة في دخلها جراء المنافسة وكثرة المعروض.
هذا ملف لايقف عنده احد، بل على العكس تصيح الجامعات، وتطالب برفع الرسوم، جراء مديونيتها، وجراء عشرات الملايين التي تراكمت عليها، لاعتبارات مختلفة، ونحن نسير اذا نحو رفع اضافي لهذه الرسوم، وفي المحصلة حرمان كثيرين من التعلم، فلا يمكن للمجتمع ان يقاوم الى ما لا نهاية، وسيصير مفهوما، ان تسمع عن عائلات، تمتنع عن تعليم الابناء والبنات، فلا مال معهم اساسا.
كنا امام ظاهرة الخريجين بلا عمل، ونحن اليوم، امام ظاهرة تتعاظم، اي تعليم ابن واحد فقط، وترك البقية بلا تعليم، او تأجيل تعليم واحد، حتى يتخرج الثاني، وهذا يؤدي عمليا الى توفير كل الظروف لغضب الشباب، وشعورهم ان لا حياة ولا مستقبل، فإن فازورا بالثانوية العامة، تعرضوا الى مشاكل في الجامعات لتقسيط رسومهم، او تأجيلها، وفي حالات كثيرة يتم حجز شهادات الخريجين، وليسأل المسؤولون الجامعات، عن عدد الشهادات المحجوزة لاسباب مالية ، ثم لو تعدى الطالب كل هذه الحواجز، جاءت اليه المكافأة، عبر وظيفة يستدين للاستمرار فيها، تحت عنوان أخذ الخبرة!!.
الدستور