يبدو أن أحدا لم يستفد أو يتعظ من الحوادث التي حصلت سابقا معنا أو مع غيرنا في مسألة توظيف واستثمار الأموال ، فلا يزال العائد الكبير يغري الكثيرين ويعمي أبصارهم عن رؤية الحقائق ، ولا يفيقون من سباتهم العميق إلا بعد أن تقع الفأس بالرأس كما يقولون ، ويندمون حين لاينفع الندم .
لا أتهم الناس بالطمع ، وأفهم جيدا رغبة وحرص الكثيرين على تحسين أوضاعهم المالية ومستواهم المعيشي والحصول على أفضل دخل ، فلا أظن أن أحدا منا لا يرغب بذلك ،
ولكن ، يجب أولا قبل القيام بإستثمار الأموال في أي مشروع النظر إلى بعض الأمور الهامة وأخذها بعين الإعتبار ، ومنها :
أولا – العائد على المشروع : إن من أحد القواعد المتعارف عليها في الإدارة المالية أنه كلما زاد العائد على المشروع زادت نسبة المخاطرة ، وعلى الرغم من أن هذه القاعدة تُدرّس لطلاب الإقتصاد إلا أن كل شخص لا بد أنه يعرفها بلاشك حتى لو كان أميا ، فلو وزنا الامور بالعقل والمنطق لقلنا مباشرة أنه لا يوجد أي مشروع مهما كان يمكن أن يعطي عوائدا بتلك النسب الخيالية إن جاز لنا التعبير ، فتبدأ الارباح من 30% وقد تصل أحيانا إلى 100% أو أكثر ، فالمسألة إذاً هنا غامضة وتحمل الكثير من عنصر المخاطرة .
ثانيا – من القواعد المتعارف عليها بشكل عام أنه على قدر العائد تكون الخسارة ، فمثلا المشروع الذي يُقدم عائدا بنسبة 5% ستكون نسبة الخسارة فيه ( في حال حدوثها ) لا تتجاوز الـ 5% تزيد أو تنقص قليلا ، أما المشروع الذي يُقدم عائدا بنسبة 50% فنسبة الخسارة فيه ستكون 50% أيضا ، وهكذا .
وعليه فإن أي شخص يستثمر أمواله في مشروع يقدم عائدا كبيرا فهو يواجه إحتمالا كبيرا بخسارة أمواله بسبب إرتفاع نسبة المخاطرة ، وليس الخسارة فحسب بل هو يواجه إحتمال خسارته لجزء كبير من أمواله التي استثمرها في ذلك المشروع .
ثالثا – طبيعة المشروع الذي يُريد استثمار أمواله فيه ، فإن أكثر المشاريع خطورة هي تلك المشاريع التي لا ترتبط بأي إنتاج كمشاريع تجارة العملات والبورصة العالمية ، و أقلها خطورة هي تلك المشاريع الإنتاجية ( السلعية منها والخدمية ) كالمتاجر والمشاغل وكل مشروع يُقدم إنتاجا معينا أو سلعة ما ، فإن إحتمال الخسارة في تلك النوعية من المشاريع قليل ونسبته تكون عادة بسيطة ومحدودة .
وللمشاريع الانتاجية مزايا عديدة أذكر منها :
أولا – أنها تضمن حقوق المساهمين ، فهي تشتمل على عقود واتفاقيات تحفظ حقوق المساهمين ويحميها القانون ، و تتخذ شكلا تجاريا قانونيا مسجلا ومعترفا به سواءا إتخذ شكل شركة تضامن أو شركة توصية بسيطة أو مساهمة أو غيرها من أشكال الشركات .
ثانيا – أنها تخدم المجتمع عبر توفير السلع والخدمات لأفراده ، وتزيد من عنصر المنافسة مما يؤثر إيجابيا على نوعية وسعر السلع والخدمات الموجودة في السوق .
ثالثا – أنها تساهم بشكل كبير في الحد من نسبة البطالة عبر توفير فرص عمل جديدة ، فإن أي مشروع إنتاجي مهما كان صغيرا يوفر فرص عمل جديدة لا بأس بها ويساهم في مساعدة المجتمع في القضاء على البطالة .
yousco1@yahoo.com