تستحق أن أموت من أجلها. !!
حسين الرواشدة
20-11-2016 01:42 AM
في جزيرة هوكايدو أقصى شمال اليابان محطة قطار تعمل من اجل طالبة واحدة في المدرسة.
القصة أثيرت قبل ثلاث سنوات، حيث كانت سكة حديد اليابان على وشك اغلاق خطها في تلك الجزيرة بسبب انخفاض عدد الركاب، الا انها اكتشفت بأن طالبة ما تزال على مقاعد الدراسة تستخدم القطار يومياً للذهاب والعودة من مدرستها، فما كان منها الا أن الغت قرار الاغلاق، تقديراً منها للتعليم.
الخبر بثه تلفزيون الصين قبل أيام، وحظي بترحيب واسع من المشاهدين الذين اشادوا باهتمام حكومة اليابان بالتعليم، أحد الأشخاص علق عليه قائلاً: “لماذا لا أموت من اجل دولة مثل اليابان، عندما تكون الحكومة مستعدة للذهاب ميلاً اضافياً فقط من أجلي.”
حين قرأت القصة لم يخطر في بالي ابداً ان اجيب عن الأسئلة التي تصدمنا دائماً حول سر تقدمهم وألغاز “تأخرنا”، ولا أن استفز القارئ الكريم بالمقارنة بين الرعاية والاهتمام التي يحظى بها الانسان في بلادنا وفي بلاد غيرنا، كما انني لست بصدد فتح ملف “التعليم” المترهل الذي جعل من اليابان قصة نجاح، الشيء الوحيد الذي فكرت فيه هو ما ذكره أحد المعلقين حين قال “لماذا لا اموت من اجل دولة مثل اليابان؟
الصديق الذي بعث فيلم الخبر ارفقه بفيلم اخر يظهر فيه ثلاثة مسؤولين من بلدنا يتحدثون فيه عن الاستثمارات وفرص العمل التي تم توفيرها لأبنائنا، الأول اكد ان قيمة اتفاقيات المشاريع التي وقعتها حكومته بلغت نحو 7 مليارات دولار وانها ستوفر 180 الف فرصة عمل، الثاني اعلن قبل عام انه تم توقيع اتفاقية مع الصين بقيمة 7 مليارات دولار أيضا، ثالث ذكر بأن الحكومة اطلقت 20 مليار دولار كفرص استثمار في قطاعات حيوية، لكن لم يقل لنا احد من هؤلاء اين هي هذه الاستثمارات، ولماذا لم يرها الناس حتى الآن، والاجابة –بالطبع- معروفة، ما دام ان المحاسبة غائبة والكلام لا يخضع لأي ضريبة، حتى لو كانت أخلاقية، وما دام ان الحكومات غير مستعدة لأن تذهب ميلا واحداً من اجل مواطن.
خبر سكة الحديد اليابانية ذكرني بأشياء كثيرة، ذكرني بقطارنا الذي لم نره من شدة سرعته، وما اثير عليه من شبهات مالية، ذكرني بقصة التذاكر التي منحت لأحد المسؤولين طيلة العمر، ذكرني بأحوال مدارسنا التي جرى تحصينها بكاميرات حديثة نصبت فوق الجدران الهرمة، ذكرني بقصة الطالب الجامعي التي تم فصله من جامعته لمدة عامين لأنه تجرأ على انتقاد الإدارة الجامعية… ذكرني أيضا بما سجله خمسة شباب اردنيون ( من محافظة اربد فقط ) خلال 48 ساعة من إنجازات حول العالم، الطالبة سلاف بني يونس التي حصلت على البطولة في المسابقة العالمية للرياضيات الذهنية حيث لم يفز أي عربي بهذه الجائزة منذ 21 عاماً، الطفل مروان جوينات الذي حاز على مركز وصيف اول للبطل بمسابقة عالمية للرياضيات ايضاً، ركان بني دومي الذي انتزع المركز الأول من الف مشارك في بطولة بناء الاجسام بأمريكا، العداء الأردني محمد الحموري الذي حصل على المركز الأول بماراثون لوس أنجلوس، سديم قديسات الذي وصل الى التنافس على المركز الأول في برنامج نجوم العلوم، لقد تعمدت ان اذكرهم بالاسم احتراماً لهم ولإنجازاتهم، لكن المؤسف ان أحداً من مسؤولينا لم يتذكرهم ولم يتحرك ميلاً واحداً من اجلهم.
قصة الطالبة اليابانية ذكرتني أيضا بقصة آيات عمر الاردنية التي كانت اول عربية تشارك في مسابقة ناسا الدولية، تقول آيات: قبل سفري حاولت المشاركة بمسابقة ناسا لكن لم أجد دعما مادياً من اية جهة حيث كانت التكلفة 15 ألف دولار، فتواصلت مع ناسا شخصياً وطلبت منهم ان يدعموني وتمت الموافقة، تصور هنا ان الحكومة أيضا لم تتحرك ميلاً واحداً تجاه “دعم” ابداع آيات.
غدا نكمل إن شاء الله.
الدستور