اعجبني جدا مقال معالي سمير الحباشنة ( وهو المعروف ببعثيته وعروبته) رغم تقصيره برأيي في مرحلة ما قبل وما بعد إسقاط نظام الرئيس الشهيد صدام حسين. الحباشنة حاول في مقاله توضيح الواضح وتذكير العرب جميعا بان ما جمعهم اولا وحتى قبل الاسلام هو عروبتهم وكرامتهم وعزتهم، وهي الأمور التي كملها الله بدين سمح أعز فيه العرب وخصهم بحمل رسالته واستشهد الحباشنة بذكاء بحديث نسب الى الرسول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم حين قال ( إذا ذلت العرب ذُل الاسلام)، وهو ان الاستهداف ممنهج لامة العرب وأعمدة القوة في هذه الأمة.

لن أخوض في التاريخ على افتراض اننا جميعا قرأنا تاريخ امتنا، ولكنني أؤكد على ما قاله الحباشنة بان هذه الأمة عاشت مئات السنين في وئام وانسجام بكل مكوناتها، ولنا في عراق صدام خير مثال عندما عاش الجميع تحت مظلة أمة واحدة ذات رسالة خالدة وكان الولاء المطلق للدولة والعروبة فقط دون تمييز طائفي.

الحقيقة ان مقال الحباشنة هو تذكير بالضرورات ولكنه توعية باستحالتها من وجهة نظري وذلك نظرا لغياب العقل الجمعي العربي اولا وغياب أرادة كثير من الحكام باسترداد الكرامة العربية المفقودة منذ عشرات السنين.
ان التشرذم الذي عانته وتعانيه الأمة كان نتيجة الاستفراد بالدول دولةً بعد دولةً وإشغالها بأنفسها من الداخل وإدامة الصراعات الجانبية واشعال وتهييج طوائف العرب ضد بعضها بعضا ليسهل تمزيقها إربا وخلق شرخ في كل بقعة ممكنة.

العرب غابوا عن منصات العالم منذ ان تخلوا طوعا عن كرامتهم ورهنوا امرهم لكل القوى العالمية التي من حقها البحث عن مصالحها. العرب نسوا تاريخهم وأولوياتهم وعبدوا المصالح والأهواء الضيقة ووسعوا الهوة داخل مجتمعاتهم وابتعدوا عن العلم وعن كل ما هو مهم نتيجة سوء الادارة وسوء النوايا وضعف اليات الحكم وهشاشتها في معظم دولهم ونتيجة فقدان حلقات الاتصال بين الشعوب وحكامها وازدياد الفجوة بين أهداف المجموع واهداف الفرد ونتيجة الغلو في حكم الفرد والنخب ونتيجة ضعف الاهتمام بنهضة مشتركة وتكامل عربي - عربي ونتيجة تغول اصحاب الاجندات المصلحية الضيقة والنخب الاقتصادية الرأسمالية على جماعات الشعوب ومصالحها، وحتى العلم والتعليم على قوته في مناحي معينة في بعض الدول ومنها الأردن الا انه لا زال يحتاج الكثير الكثير من الجهد والامكانات والوعي والاخلاص.
ان محاولة استنهاض الوعي والهمم بناءا على عروبة الأمة ووحدة مصيرها امر نبيل وغايته نبيلة طاهرة ولكنه متاخر وأتمنى ان أكون مخطئا.