في الأسبوعين الأخيرين، وزّعت أكثر من سبعين صحيفة أميركية فيلما وثائقيا على أقراص الـ DVD في الولايات المتأرجحة التي يتقدم بها باراك أوباما على منافسه جون ماكين. ويتناول الفيلم Obsession ظاهرة الإسلام الراديكالي وكيف يهدد الغرب. ويسلط الفيلم الوثائقي الضوء على معسكرات تدريب الإرهابيين والأطفال المسلمين الذين يتم تجنيدهم ليصبحوا انتحاريين. ويعلق على أجزاء كبيرة من الفيلم دانيال بايبس، المعروف بكتاباته المعادية للإسلام والمسلمين، ويظهر في الفيلم بعض الأشخاص المغمورين من العالم العربي في دور تعزيز الفكرة الأساسية في الفيلم وهي فكرة شيطنة المسلمين. وينفي الفيلم أن انتشار معاداة الولايات المتحدة في منطقتنا هو بسبب سياسة أميركا الضارة والمعادية لمصالحنا ويقدم بدلا من ذلك المناهج التعليمية والتعبئة المستمرة ضد الولايات المتحدة كالسبب الرئيس لانتشار ظاهرة معاداة الولايات المتحدة.
الفيلم ليس جديدا إذ أنتج قبل عامين وتم عرضه من قبل محطة فوكس نيوز وعرض في الجامعات الأميركية في عام 2007. لكن الجديد هو توقيت عرض الفيلم مجددا وبهذه الطريقة العدائية إذ تم توزيع 28 مليون نسخة في الولايات المتأرجحة فقط. ويأتي توزيع الفيلم الى عتبة البيوت من أجل إثارة الفزع في قلوب الأميركان بعد أن تبين أن فوز باراك أوباما هو الأرجح ولا يمكن تغيير الزخم الا بخلق قضية أخرى لتشتيت انتباه الناخب الأميركي عن القضايا التي تعطي الأفضلية لبارك أوباما. كما تبيّن أن منظمات الطلبة اليهود هي من تقوم بالحملة في الجامعات كجزء مما أسموه أسبوع التوعية بالفاشية الإسلامية.
ويتم زج إسم باراك حسين أوباما في المهرجانات لايجاد ربط غير مباشر بين خلفية أوباما (والده مسلما) وقضية الارهاب. ولا يعرف لغاية الآن إن كانت حملة ماكين متورطة في عملية توزيع الفيلم فهي تنفي ذلك لكنها تربط بشكل مباشر بين باراك أوباما والارهابي ويليام آيرز.
لغاية الآن لا تجدي حملة تلطيخ سمعة باراك أوباما وربطة مع أحد الإرهابين (وليام آيرز) إذ تقدم أوباما بتسع نقاط يوم الثلاثاء حسب استطلاع غالوب. وواضح أن ماكين قد نفذ من الأفكار ولم يعد على تماس مع الواقع لذلك غيّر من حملته لاستهداف شخصية باراك أوباما بدلا من مناقشة القضية الأولى في الانتخابات وهي قضية الاقتصاد. وفي المناظرة الثانية، تفوق باراك أوباما على ماكين في قضايا الاقتصاد وأثبت في خطاب عقلاني بأنه أكثر فهما للأمن الوطني بمعناه الشامل من ماكين الذي ما زال مسكونا في موضوع العراق.
مرة أخرى يلجأ اليمين الأميركي الى الضغط على زر الخوف لدى الشعب الأميركي وليس هناك أفضل من فزاعة الفاشية الإسلامية لمساعدة الجمهوريين في حملة لا تشير المعطيات بأنهم سيربحونها هذه المرة. المشكلة هي أن هناك من بين المختصين في الاسلام السياسي في أميركا من يقومون بتعزيز بعض من الصور النمطية. في المقابل، لا نجد من بين الباحثين المرموقين الذين يأتون الى منطقتنا ويبدون تفهما لقضايا المنطقة من يقوم بدور توضيحي في مواجهة البروباغندا اليمينة البائسة. كما إننا لم نشهد احتجاجا من قبل أي سفارة للدول المسلمة على الفيلم المسيء لأنه يعرض المشاهد بشكل انتقائي وبعيدا عن سياق الحدث. فعندما يظهر حسن نصرالله في الفيلم يهتف الموت لأميركا لا يوجد من يقول أن هناك سياقا لهذه الشعارات وأن هناك سياسة أميركية فاشلة هي التي ساهمت في انتاج الكثير من هذه الحركات وتعزيز شعبيتها.