التعديل الوزاري .. حاجة أم اشاعة!
بسام حدادين
09-10-2008 03:00 AM
مخطئ من يظن ان "لعبة" التسريبات الاعلامية, بدوافع سياسية وغير سياسية قد توقفت. إنها مستمرة وتأخذ مظهراً جديداً, فتبدو اكثر "موضوعية" وتتسربل مع معلومات حقيقية.
لعبة الاشاعات والتسريبات تتركز هذه المرة, حول التعديل الوزاري, محاولة تلبيس التعديل المرتقب (!!) رؤية سياسية واقتصادية واجتماعية, تخرج الدولة عن نهجها وسياساتها المستقرة.
ويهيّأ للمتابع غير الحصيف ان الاردن سيدخل عصر الاشتراكية او "العودة" اليها.
لذلك تركزت بعض التسريبات على خروج وزراء الديجيتال ايذاناً "بموت الليبرالية الجديدة" واحتفاء بعودة الولاية العامة للحكومة وبسط, نفوذها الدستوري كاملاً غير المنقوص.
رئيس الوزراء يلوذ بالصمت, لا يقول شيئاً, يتركنا نواباً ووزراء ورأيا عاما, فريسة الاشاعات والتسريبات. الرئيس لم يأخذ "الولاية العامة" على الإعلام, ويقوم بواجباته نحو الرأي العام. وترك الجميع تحت رحمة الاشاعة وتسربل التسريبات.
لماذا لا يقول لنا الرئيس بماذا يفكر?! ما العيب او المنقصة ان يعلن الرئيس مثلاً: ان خطط الحكومة القادمة تستوجب تعديلاً وزارياً سنعمل على انجازه خلال...!! او ان يقول: ان الفريق الوزاري يعمل بكفاءة وليس هناك ما يبرر التعديل راهناً. او ان يعلن ان "انقلاباً" في توجهات الحكومة لن يحدث وان اي تعديل اذا ما حصل سيكون لغايات تعظيم الانجاز ودفع مسيرة العمل.
مثل هذه الافصاحات وغيرها, تريح الرأي العام وتحصنه من شرور الاشاعة والتسريبات الضاغطة غير البريئة.
لا يجوز للرئيس ان يتعامل من موضوع التعديل الوزاري وقد اصبح موضوعاً مطروحاً بقوة على الرأي العام ومتداولا كاستمرارية للعبة شد الحبل التي عشناها خلال الشهور القليلة الماضية, باعتباره - التعديل - شيئاً "خاصاً" ولا دخل للآخرين به.
عندما نشكو من الفعل الضار للاشاعة, علينا ان نسأل ماذا فعلت ايدينا لمحاربتها وماذا عملنا لتوفير البيئة الاعلامية الصحية لمحاصرتها ومنع افتئاتها. ولا شك بان توفير المعلومة الصحيحة من اهم شروط تنقية البيئة الاعلامية من الشوائب ، وليس للرئيس مطلق الحرية في ادخال واخراج من يشاء من الوزراء. المسألة ليست بحضور او بغياب شخص بعينه. المسألة مرتبطة بصلاحيات الملك ونظرته المستقبلية.
ومن الخطأ والسذاجة ان يربط تنفيذ سياسة او نهج ما, بشخص وزير بعينه او مجموعة وزراء او "شلة" بعينها. اذا كان الامر كذلك فهذا يعني ان الحكومة والبرلمان مختطفتان, ولا اظن ان الامر كذلك. فالتحولات الاقتصادية والاجتماعية الجارية , جذورها تمتد الى عام 1988 عندما انهار الدينار الاردني وسلمنا رقابنا الى المؤسسات المالية الدولية التي فرضت علينا برنامج التصحيح الاقتصادي وسارت الدولة في هذا حتى الان.
اما اذا كان هناك من الوزراء من يتلقى تعليمات ويدير اعمالاً من غير معرفة الرئيس وبغير اشرافه ومشاركته, فإنني ادعو الرئيس الى تصويب هذا الوضع غير الطبيعي.
ندعو الرئيس الى ان يفكر ملياً في التعديل وان يتشاور مع الملك بشأنه بالسرعة الممكنة واعلام الرأي العام بما يفكر به.
حكومة الذهبي تعمل في اجواء مريحة للغاية, فهي تعمل في مناخ شعبي متفائل, وفي ظل دعم ملكي كبير معزز بمبادرات خلاقة متتالية وبمنظور اجتماعي يستهدف العدالة الاجتماعية والتخفيف عن كاهل الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل.
وتحظى الحكومة بدعم كل مؤسسات الدولة واجهزتها. وتحظى بدعم كبير من البرلمان الذي يسعى "لنيل ثقتها" وبتسهيل عملها واسناد خياراتها السياسية والتشريعية.
ليكن التعديل القادم في خدمة انطلاقة جديدة لحكومة الذهبي نفتح فيها الملفات المؤجلة وعلى رأسها الملف السياسي بشموليته: الاصلاح السياسي والحوار الوطني والنزاهة العامة ومكافحة الفساد.
bassamhaddaden@alghad.Jo
الكاتب النائب والسياسي بسام حدادين