لا تنفصل ظروف وعناوين الزيارات الملكية المتعددة عن محورها الأساسي، المتمثل بإدامة التواصل الملكي مع أبناء المجتمع الأردني، واحداث تنمية شاملة من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار، ولكنها تنفصل بالوقت ذاته عن تداعيات الإقليم، وأثره في تشكيل حالة من ثقافة التوجس، واستدعاء عصي الدواليب لإيقاف تلك التنمية بحجة ضرورات الامن.
فالمسارات الملكية متوازية ومتوازنة من حيث الاتجاهات والتقديرات، وهذا ما اكسبها نجاحاً وقبولاً، فزيارة جلالة الملك لمحافظة مأدبا، تأتي لتؤكد على ذلك من خلال لقاء أبناء المحافظة والاستماع إلى آرائهم وهموهم دون وسائط وبشكل مباشر، فجلالته يبعث الرسائل الواضحة، في التأكيد على أن العمل يأتي مقروناً باللقاءات من خلال تجسيده ذلك بوضع حجر الأساس للمدينة الصناعية في مأدبا، في إشارة مباشرة للجميع حكومة ومواطنين اننا في ظرف استثنائي، ولا بد من العمل ثم العمل ثم العمل.
منهج المدن الصناعية في الأردن بوجه خاص يرتبط بثنائية اقتصادية واجتماعية، فالأولى تتمثل في الفقر والبطالة اللذان يستهدفان بالتنمية والعدالة والمحاسبة، الامر الذي يُعول على مضاعفة الاستثمار المحلي والاجنبي بقالب جديد من التشريعات والأرقام التي تعكس قدرة الحكومة على تنفيذ رؤى جلالة الملك في هذا الاتجاه. أما الثانية بلا شك، فتهدف إلى تنظيم فوضى الانتشار غير المناسب للقطاعات الصناعية، وتداخلها مع الاحياء السكنية وإعادة توطينها في بيئتها المناسبة.
قبل أشهر قليلة وفي يوم العمال تفقد جلالته مصنع الصافي للابسة في مأدبا، واكد على ضرورة توفير بيئة عمل مناسبة للعمال ابتداءً من توفير المواصلات مروراً بالتكيف الوظيفي وانتهاءً برفع الحد الأدنى من الأجور، وتغيير النظرة المجتمعية تجاه بعض الاعمال على وجه الخصوص، وزيارة اليوم تبني على تلك وتؤكد على ان العمل تكاملي وتراكمي.
تتزامن الزيارة الملكية لمحافظة مأدبا في اليوم ذاته الذي بدأت فيه الحكومة الجديدة، طلبها الثقة من البرلمان الجديد، وبين الجديدين لا بد من جديد في النهج الحكومي؛ من حيث اجراء تغيير على لغة الخطاب ليأخذ مسارين ذهاباً واياباً ولتؤكد على الشراكة والمسؤولية الحكومية والأخلاقية، وإدارة الملفات المزدحمة بمعيار الاولويات، والعمل على ضرورة خدمة المواطن بمستويات استراتيجية وآنية يشعر بها، وتؤكد قناعاته بأن الحكومة الحالية كما يتضح إلى الآن تمارس القليل من الكلام والكثير من العمل الجاد، وان هنالك ثمة فرق بين القديم والجديد.
Adel.hawatmeh@gju.edu.jo