الصحافة الاسرائيلية تهاجم الاردن .. لماذا؟
د. عدنان سعد الزعبي
16-11-2016 02:36 PM
ما ذكره ايدي كوهن في الجروسيلم بوست وما كاله من بغضاء للاردن يؤكد وبكل يقين ان قرار اليونسكو حول حق العرب بالمقدسات قد بين عدائية الدولة الاسرائيلية وهشاشة كيانها واختبائها الدائم وراء الدعم الامريكي وعباءة بعض الأوروبيين, وبينت كذلك عنجهية التفكير السياسي الاسرائيلي وسطحية ابواق الدولة الاسرائيلية, فمحاولة تحوير الموقف الاممي وتجاهل معانية.
وكيل الاتهامات والتهديد والانسحاب من اليونسكو انما يشير الى حقيقة هذه الدولة وبعدها اللاانساني عن حقوق الانسان وتراثه المجيد الذي ادركه العالم وصوت لصالحة في الامم المتحدة فلم يعد النظر الى اسرائيل، الا الدولة العنصرية التي تنتهك حق وحياة الفلسطينيين وتمارس الغطرسة والكذب بحق المقدسات والارث الانساني وتحاول تغيير هذه المعالم بهدف خلق تاريخ لها يعلم القاصي والداني حقيقته وتوجهه، رغم تسلحها بالدعم الامريكي وعدد من الدول الكبرى.
ان حماية المقدسات والدفاع عنها هي فرض كفاية على المسلمين كافة ولكنه فرض عين ومسؤولية وواجب على الاردنيين والقيادة الاردنية كونها صاحب الولاية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس القديم باعتبارها صحابة النسب الشريف الذي يخولها للقيام بهذا التكليف وهذا الواجب.
فما ذكره كوهن وهو الاكاديمي والصحفي المتخصص بالشؤون العربية يؤكد تماما على تخوف اسرائيل ونظامها السياسي من الفكر والسلوك والمواقف السياسية الاردنية وتأثيرها على الراي العام السياسي الدولي، وخاصة جهود الملك ووتركيزه على القضية الفلسطينية وخاصة موضوع القدس، حيث اعتبر الكاتب الاسرائيلي كوهن خطابات الملك وخاصة الاخير في الامم المتحده السبب وراء موقف اليونسكو برفض مزاعم اليهود وقصصهم المختلقة تجاه المقدسات وكشف حقيقتها وتعرية سلوكياتها ومخططاتها و فقدان اسرائيل للتاييد العالمي وادراك العالم لما تفعله اسرائيل. فالكاتب الاسرائيلي يدرك تماما بان ما سماها بموجة الخناجر ما هي الا ارادة فعل طبيعية للدفاع عن النفس والتعبير عن السخط ومواجهة احتلال متغطرس يقتل الابرياء ويقتحم المقدسات ويصادر المملتلكات ,,الخ.
لم اجد في مقال الخبير والصحفي الاسرائيلي ما استطيع ان اقف عنده غير السطحية والتحايل ومحاولات القفز فوق الحقيقة التي يراها العالم الان بعين كبيرة وبؤبأ متوسعا، فكيف يريد الكاتب من الملك عبدالله ان يتوقف عند افعال اسرائيل بالقدس والفلسطينيين دون ان يكشفها للعالم وبيان الصورة الحقيقية لاسرائيل وفكفكة النمطية التي حاولت اسرائيل عبر السنين والسنين رسمها كذبا لنفسها وايهام العالم بديمقراطيتها ومدنيتها في الوقت الذي لا يعرف من ديمقراطيتها الا العنصرية ولا ترجمة لها الا بالقتل والاستيطان والمصادرة.
وكيف يريد الكاتب الاسرائيلي المحسوب على الموساد من الملك عبدالله ان يرى هذه الاختراقات للقدس ومقدساتها وعشرات الاف من المعتقلين في السجون الاسرائيلية دون محاكمة عادلة والأفعال المعادية للانسانية في التعامل مع شعب أعزل همه الامن والسلام وحقه بان يكون كغيره من شعوب الارض العيش بدولته آمنا مستقرا يملك حق العيش على ارضه التاريخية.
يخطيء الاسرائيليون اذا اعتقدوا ان الاردن باتفاقية وادي عربة يمكن ان يتنازل عن دوره التاريخي تجاه فلسطين بشعبه وقيادته جيلا بعد جيل فللأردن دور تاريخي في الوقوف مع الشعوب العربية وهذه التضحيات ماثلة وشاهد للزمان.
لقد كشف الكاتب الاسرائيلي مدى المضايقة التي يشعر بها الاسرائليون من النشاط السياسي والدبلوماسية الاردنية والذي يقوده الملك بتكليف شعبي اردني وفلسطيني وعربي شامل كون الحراك احد اهم محركات المشروع العربي القومي المنفتح على العالم المتفاعل معه, فالامة تملك ماتستطيع ان تكون في مقدمة الامم بعدما كانت السبب الذي بنى على علمها وفكرها وثقافتها العالم فتقدم وتطور .
حرج الاسرائليون واللوبي الصهيوني من حديث الملك في المنابر الدولية المسموعة واصراره على بيان صورة المسلمين والعرب ونصاعة ثوبهم الابيض يؤرق الصهيونية التي وجدت من قرار اليونسكو ضربة قاسية لهم رغم قوة نفوذهم وشبكاتهم العنكبوتية التي ترسم عالمنا المجهول الان .
فاستخدام الملك -بفعل ما تبوأه الاردن من مكانة عالمية- للمنابر الدولية الكبرى كالامم المتحدة والكونغرس الامريكي والاتحاد الاوروبي والمنتدى الاقتصادي العالمي والجامعات العالمية والمراكز البحثية الدولية، وما ابداه الاردن من مواقف انسانية سلمية متوازنة وعقلانية متوازنة في الحداث الاقليمية والدولية خوله لان يكون الاقدر على اطلاع العالم على حيقة واقعنا العربي والاسلامي والتركيز على الواقع الفلسطيني وظوالظلم الذي يعيش به شعب مشرد كما هو السوريون الان بقالبه الانساني فالاردن اكثر من يحرص على التشاركية العالمية وبناء الحضارات والتكامل الدولي بسلامه وأمنه ويطالب بتحرير الشعوب من الظلم والاستبداد والقتل والدمار واحترام ثقافات وخصائص ومقدسات الشعوب. وهذا بطبيعة الحال لا يصب في اهداف ومخططات الاسرائيليين بل يخترق جدرانهم وعقلية القلعة التي يتمترسون بها واظهرها للعالم باسرة , فاذا بدأت الغشاوة تنزاح شيئا ما عن سماء صناع القرار العالميين فان ذلك يؤجج الاستراتيجية الاسرائيلية ويحجمها عالميا فاسرائيل بدات تدرك ان مصداقيتها بدأت تتلاشى ولم يبقى لها الا اللوبيات الصهيونية التي تلاعبت على مر السنين بالسياسةوالاعلام العالمي.
ولقد شاهدنا فشلها في الانتخابات الامريكية الاخيرة، تلك النتائج التي تجاوزت مراكز القوى والسياسة والاعلام وغايرت التوقعات خاصة وان المرشحين جميعا وعدوا هذا اللوبي بنفس الوعود وميزوا اسرائيل بنفس الميزات.
فلماذا جن جنون اسرائيل بعد قرار اليونسكو وشنوا هجوما شرسا على الاردن وقيادته واتهموا السياسة الاردنية، لياتي جوابنا وبكلمات معدودة، ها هي السياسة الاردنية التي بقيت كما هي لم تتغير ولم تتلون فلماذا الان ؟؟؟