الجرائم الالكترونية .. وعصر الشيطان
د. عبير الرحباني
14-11-2016 10:28 AM
في علم مكافحة الجريمة يقولون: "ليست هناك جريمة كاملة! فالمجرم يترك وراءه دليل إدانته". ولذا من الجهل ان يتصور من يجلسون خلف شاشات الكمبيوتر، وقراصنة الانترنت، أنهم بمنأي عن العقاب، أو أنهم بعيدون عن قبضة الرقابة.ففي ظل تطور أساليب كشف الجرائم، صار ضبط الجناة امرا سهلا وممكناً، ومع ذلك لم يعد هناك أحد بمأمن عن عمليات الاحتيال الالكتروني، وحتماً فأن اقنعة اللصوص لا بد ان تسقط وتقدم للمحاكمة.
ولعل اهم التأثيرات السلبية التي انتجتها ثورة تكنولوجيا الاتصال والمعلومات المتنامية كانت زيادة معدلات الجرائم الذي لم تُكشف ابعادها بعد، بخاصة مع توالي التطورات التكنولوجية -الرقمية التي يشهدها عالمنا اليوم.وربما تكون الجرائم الالكترونية المرتكبة بطرق غير قانونية نوعين: النوع الاول: اما ضد اجهزة الكومبيوتر وشبكات الاتصال، والنوع الثاني: ارتكاب الجرائم باستخدام الكومبيوتر وشبكات الاتصال، ويمكن تشبيه النوع الثاني وان جاز التعبير بــ "عصر الشيطان"، حيث استغلت شبكة المافيا العالمية هذه المواقع المتعلقة بالعلاقات غير الشرعية لتحقيق ارباح زهيدة من خلال العلاقات المحرمة وغير الشرعية التي تُقام عبر شبكة الانترنت، كما تقوم بتسويق الفتيات والسيدات من بعض دول اوروبا الشرقية وروسيا واوكرانيا في هذه المواقع عبر تلك الشبكة.
اما مواقع الاباحة الالكترونية" من حيث تبادل الصور الفوتوغرافية المخلة بالآداب والاخلاق، فقد اضحى هناك اندية اباحية في الدول الغربية تباشر عملها عن طريق الشبكة العنكبوتية العالمية، ما ادى الى انتشار ما يسمى بـ " دعارة الاطفال". وقد اظهرت دراسات عدة الى ان الاطفال مستعدون لنشر معلومات شخصية عنهم على شبكة الانترنت، في ظل غياب تام للرقابة او معرفة من قبل الاهل لما يتعرض له اطفالهم عبر هذه الشبكة. الامر الذي يؤكد ان المتصفح العربي عموماً لشبكة الانترنت وبالاخص لتلك المواقع الاباحية اصبح "مستهلكاً جنسياً" بخاصة في ظل ثورة التكنولوجيا التي سببت قلقاً وانفلاتاً تربوياً واجتماعياً وثقافياً.
والجدير بالذكر انه عند تفحص تلك المواقع بدقة تامة نكتشف بان عالم الجنس عبر الانترنت عالم منظم ودقيق تقف وراءه جهات خبيثة لها اهداف شيطانية في الاستهلاك الجنسي عن طريق الكاميرات وغرف الدردشة وعبر وسائل التواصل الاجتماعية بخاصة مع غياب ادوات الرقابة على تلك المواقع ، وغياب الرقابة العائلية ايضاً. وقد يستغرب القارىء ايضاً عندما يقرأ او يسمع بان اليابان وفرت خدمة خاصة للانتحار عبر الانترنت بهدف تسهيل عملية قتل النفس لكل من يرغب الانتحار، وذلك عن طريق طلب طرود بريدية من اقراص سيانيد البوتاسيوم القاتلة يتم ارسالها الكترونياً.
وقد وصلت عمليات التزييف الى درجة عالية من الاتقان والمهارة، بحيث نجد انه بالامكان تزوير توقيع شخص ما، او شيك، او عقد شراء او بيع اراض او شقق، او ايصال امانة. ويمكن ايضا القيام بتزييف العملات الورقية التي تتطابق تماما مع العملة الاصلية والتي تتطلب مهارة عالية وخبرة واسعة لاكتشافها. بحيث اصبحنا نشهد ما يسمى بـ "جريمة المعلومات" للبطاقة الشخصية لشخص ما، كما يوجد اشكال اخرى للتزوير والتزيف مثل توقيع شيكات ومستندات وعقود عن طريق جهاز المسح الضوئي وطابعة الكومبيوتر.
اما استخدام السحر والشعوذة الالكتروني فما اكثر الذين وقعوا فريسة سهلة للمشعوذين والسحرة والدجالين الذين يسعون لاستهداف العقول بخاصة الضعيفة وقليلي الايمان. ونجد بان الجرائم الالكترونية قد تغلغلت واستطاعت ان تصل الى عقول الكثيرين في مجتمعاتنا وبخاصة فئة الشباب لتستقر باجسادهم عن طريق تسويق المخدرات المميتة المؤدية للموت، وحبوب الهلوسةليدمنوا عليها وبالتالي لتحولهم الى اشخاص اشبه بالشياطين وتجعلهم يفقدون عقولهم ويتحولون الى وحوش مفترسة وشياطين قاتلة.
نعم، انه عصر الشيطان الذي ابعدهم عن طريق الله، وابعدهم عن الرحمه والانسانية وقتل ضمائرهم ليحولهم الى اجساد تمشي على الارض من دون عقل يفكر او قلب يشعر.