المنحة الخليجية في كلام الرفاعي
ماهر ابو طير
14-11-2016 08:50 AM
يحض رئيس الوزراء الاسبق سمير الرفاعي في كلمته امام المؤتمر الوطني للاستثمار الدول الخليجية على تجديد منحتها للاردن، وهي التي تنتهي العام المقبل، وفي ذات سياق كلامه هذا يكشف الرفاعي توقعا ضمنيا، ينساب الماحا، بأن المنحة قد لا تجدد، حين يقول ان الزمن الذي كنا نرى فيه مساعدات كبيرة لدعم الخزينة قد انتهى، وهو عمليا يضع الاجابة المحتملة، لما يطلبه من هذه الدول.
ذات التوقع غير المباشر يأتي ايضا عبر سؤال يوجهه الرفاعي للحكومة اذ يقول لها وهو عضو في مجلس الاعيان.. «كيف ستتمكن الحكومة من التعامل مع فرضية غياب المنحة واستحقاق تعويضها،وبالتالي استمرارها في تغطية النفقات الرئيسة» ؟.
سياقات الرفاعي، ليست مفاجئة تماما، لان المعلومات تؤشر ،ايضا، منذ عهد الحكومة السابقة، وفي نهايات عهدها، ان احتمالات تجديد المنحة الخليجية منخفضة جدا، بل تكاد تكون منعدمة،وقد كان هناك لقاء مقرر بين وزير الخارجية، ووزراء الخارجية في دول الخليج لبحث تجديد المنحة الخليجية الا انه لم يتم، وكل مؤشرات الاتصالات، تقول ان احتمال التجديد منخفض جدا.
اضافة الى ذلك، فان دول الخليج، خلال العام الاخير، استجد عليها ظرف مختلف، لم يكن قائما، عند اقرار المنحة في المرة الاولى، فأسعار النفط انخفضت جدا، واغلب حكومات الخليج، اتخذت اجراءات تقشفية غير مسبوقة، وبعضها اقترض المليارات من الخارج، واذا كانت دول الخليج تقترض عشرات المليارات من الخارج، وتصدر السندات لبيعها داخل دولها، فهل ستكون قادرة اساسا على تقديم منح للاردن، وهي التي تعاني اليوم، من القروض والعجوزات في موازناتها، مما يقول ان العام2017 عام صعب جدا على كل المنطقة من ناحية اقتصادية، فنحن هنا نحض دولا، لديها همومها اليوم، وتأثير العامل السياسي الذي قد يجدد المنحة الخليجية، يبقى اقل، مهما بالغ البعض في تصوراتهم.
الاستخلاص الاساس الموجه في تصريحات الرفاعي الى الحكومة حول الذي ستفعله لمواجهة هذا الوضع، لتغطية النفقات ، وبرغم ان الرفاعي يطرح حلولا على الحكومة من قبيل اقناع الاردنيين في الخارج بأستثمار ملياراتهم داخل الاردن، واقناع اصحاب الارصدة في المصارف الاردنية من تسييل اموالهم، قلت او كبرت، الا اننا نعرف ان الاتجاه الاسهل لدى الحكومات هو جباية الاموال، من الناس، عبر فرض ضرائب جديدة، او اعادة صياغة ما تسميه الحكومة الدعم لبعض السلع، وغير ذلك من اجراءات، تأخذنا الى عام اكثر صعوبة، مما مضى، خصوصا، ونحن نرى اننا نقترض كل يوم، لسداد فوائد القروض، وليس القروض، فوق ان الخبراء يقولون ان الاردن سيواجه قريبا مشكلة تسمى «فوائد القروض» وقد نصير عاجزين كليا عن السداد، ومهربنا الوحيد المزيد من الاقتراض، والمزيد من الجدولة، دون اي حل جذري، سوى مواصلة اللجوء الى الناس، بحيث يتم تجفيف سيولة الافراد، والمشاريع الصغيرة والوسطى، وربما الكبيرة ايضا.
ثم ان ذات الحكومة تعرف ان مليارات الاردنيين التي تسربت للخارج، تسربت جراء الظروف السيئة التي يواجهها الاستثمار في الاردن، من ابتزاز احيانا، وعرقلة احيانا اخرى، فوق الخسائر والخوف من المستقبل، كما ان ارصدة الاردنيين المتجمدة في الداخل الاردني تعاني ايضا من ذعر اصحابها، من وضع الاقليم، ولم تتمكن اي حكومة منذ الربيع العربي وحتى اليوم، من اقناع اصحاب هذه الاموال في الداخل، لتسييل اموالهم، والتخلص من هذا الذعر المعنوي، بل لربما اججت بعض الحكومات هذا الذعر، بدلا من اطفائه.
هذه اكثر حالة يصح وصفها بكون الحل فيها، اسوأ من المشكلة، واذا كانت المشاكل دوما، تصنف باعتبارها امرا سيئا، فإن الحلول التي قد يتم اللجوء اليها، اكثر سوءا، في ظل الفقر وانتشار الجريمة، وشيوع البطالة، وتشظي البنية الاجتماعية، واذا كنا نميل دوما، الى ان لا نسود الصورة العامة، فإن المطلوب من الحكومة، تقديم خطة واضحة امام الناس، والبرلمان، لمواجهة هذا الوضع، دون ان تكون معتمدة فقط على الجباية، خطة تدرك ان الناس يعيشون ظرفا صعبا، وفي ذات الوقت، يعتبرون ان الخطط لا ترى سواهم.
يبقى السؤال في كلام الرفاعي…»كيف ستتمكن الحكومة من التعامل مع فرضية غياب المنحة واستحقاق تعويضها،وبالتالي استمرارها في تغطية النفقات الرئيسة؟
الدستور