لكل زمن دولة ورجال
المحامي الفهد سمير الحباشنة
12-11-2016 02:52 PM
"لكل زمن دولة ورجال"، مقولة عربية قديمة جرت على ألسنة العرب يقصد بها تبدل أقدار الزعامات ومصائر القيادات.
فهناك عوائل عربية تتوارث قيادة العشيرة من جيل الى اخر كما يورث المال والأرض والصفات الحميدة والسيئة، وهناك من يحافظ على هذا الارث وآخر من يبعثرها، فاما ان يعقب النار نار او يعقبها رماد.
ولكن ما يلفت الانتباه ان هناك استثناءات على هذه القاعدة ، فهنالك قيادات برزت بين قبيلتها دون اي توريث للقيادة من أسلافهم، بل تم توليدها نتاجا لمجهود فردي للشخص أدى الى ان يكون هناك حالة من الاجماع على هذه الشخصية من قبل كافة القبيلة او العشيرة، وبهذه الحالة تكون القيادة من نصيب من هو أجدر وأكفأ بالقيادة ، وليس من حالفه الحظ بأن يكون وريثا لها، بعيدا عن حصر القيادة بعائلة معينة تم توارثها من السلف الى الخلف . فالـ "الشيخة" او ايا كان المصطلح السائد للقيادة في هذه الحالة يتم تعيينها واحالتها للأشخاص اللامعين من داخل العشيرة، الأشخاص ذوي الصفات القيادية والسمات النقية التي تجبر من يحيطهم على الالتفاف من حولهم والاعتراف بشيختهم.
وخير مثال على ما سبق سلوك عشائر الحباشنة نحو اختيار شيوخهم، ، فهذه العشيرة التي تقطن الكرك منذ مايزيد عن 250 سنة ، والتي حققت مكانة اجتماعية وسياسية خصوصا خلال مرحلة التأسيس للدولة الاردنية وما بعد ذلك. فحسب التقرير الصادر عن الاستخبارات البريطانية السرية - مكتب الهند قبيل الحرب العالمية الأولى 1916، فإن المرحوم درويش الجعافرة هو شيخ عشائر الحباشنة كافة، و بعد استشهاده في دمشق باعتباره من قادة هية الكرك ضد العثمانيين نصبت عشائر الحباشنة المرحوم سلمان العرود كشيخ لعشائر الحباشنه كافه بالرغم من صغر سنه و هذا ماتبينه الوثيقة المرسلة للملك عبد الله المؤسس من قبل الشريف شاكر بن زيد عام1922 والتي يبين بها عشائر الاردن واماكن سكناها وعدد بيوتها وشيوخها ايضا. وبعد وفاة المرحوم الشيخ سلمان برز المرحوم محمد الحباشنه الذي تحصل على الباشوية واصبح عمليا الشيخ.
ان انتقال الشيخة من بيت الى بيت في اطار العشيرة انما يعني ان الحكمة والكرم والشجاعة والمواقف النبيله، فتلك هي الصفات التي تتوسمها العشيرة بواحد من ابنائها فتحيل عليه ثقل مسؤولية شيخ العشيرة وهي ما تبقي هؤلاء الأشخاص راسخين بأذهان من حولهم وأذهان الأجيال التي تليهم .وهذا ينطبق جليا في حالة عشائر الحباشنة، فالقيادة حتما لا تولد صدفة ولا تكون حصرا في بيت واحد.
وددت من هذه الخاطرة الموثقة ان اتوجه الى بعض الأشخاص الذين يقسمون الناس الى مركز واطراف او رأس وذيل.. لأقول ان ابشع الصفات الانسانية هو اجترار الماضي ومحاولة توظيفه عنوة لخدمة اهداف مريضة وسبيلا لتمييز زائف وموهوم، فالرجل الذي يركب أرجلا من خشب ليبدو اطول من الاخرين انما هو منظر لانراه الا في السيرك ولايثير الا الضحك.
.. عشائر الحباشنة السبع كلهم في المركز وكلهم راس.. واي كلام غير ذلك لا يثير فينا الا الازدراء والشفقة.