المغتربون في ضوء التطورات الاقليمية
د.فايز الربيع
12-11-2016 11:01 AM
الاغتراب ليس جديداً في تاريخ الشعوب، فمنذ القدم هاجرت جماعات إلى دول مختلفة، والأسباب مختلفة ايضا ً، بعضها اختياري والآخر قسري، بعضها سياسي، ديني، اقتصادي، وربما يكون الاغتراب له معنى غير اللجوء الذي يكون بسبب الكوارث، وهنا نحن في الأردن نلمس ذلك في بنية مجتمعنا ضمن فسيفساء كونت هذا الواقع المندمج والمتجانس لغة وعقيدة وتاريخا وعادات.
ما أتحدث عنه اليوم هو ابناؤنا الذين اغتربوا في العالم ومنه دول الخليج، بحثا عن الرزق، وساهموا في قطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية، ما لا ينكره اهل تلك البلاد.
كانت سنينَ فيها الضرع ملآ بالحليب، والكل قادر على ان يشرب منه والبلاد بحاجة، الظروف الدولية والإقليمية الآن تغيرت واجتمعت ضاغطة على اقتصاد تلك الدول، ناهيك عن تعلم ابنائهم ومن حقهم ان تكون لهم فرص عمل في بلادهم.
نحن هنا في الأردن وربما كما هو في مصر وسوريا ولبنان وبنسبة أقل المغرب العربي، تأثرنا اكثر من غيرنا بالنتائج مقارنة بعدد السكان، لدينا في السعودية وحسب الأرقام المعلنة ( 400 ) اربع مئة الف فرصة عمل في القطاعات المختلفة يتم تحويل ما مجموعه مليار واربعمئة مليون دولار سنويا ً إلى الأردن كحوالات مغتربين وايضا ًحسب الأرقام المعلنة.
وفي نفس السياق لدنيا ما يقارب هذا العدد في كل من الإمارات والبحرين وقطر وعُمان، وأحيانا تكون الأرقام أقل وفي العموم لدينا اكثر من ستمائة الف فرصة عمل يعيلون كما من الأسر، تقول التقارير إن كثيرا منهم لم يستلموا رواتبهم لمدة تزيد على ستة شهور في القطاع الخاص، وأن عملية الإحلال مستمرة في القطاعات الحكومية.
لدينا وزارة تتبعها تسمية ( شؤون المغتربين )، وكنت قد طالبت بإنشاء وزارة خاصة للمغتربين، لأن اعدادهم وثقلهم الاقتصادي ومشاكلهم تحتاج الى تفرغ واستراتيجية ومتابعة.
من المفروض ان سفاراتنا تقوم بمهمة المتابعة والمراقبة وتقديم صورة كماهي عن الواقع وسيناريوهات المستقبل، ومن المفروض ايضا ً ان لا تكون إدارة الازمات فقط خاصة بلون معين من الأزمات فالقادم الكبير بالنسبة لنا، ما هي الخطط المستقبلية لهؤلاء الناس في ظل بطالة و فقر هما عنوان الرحلة منذ عقود، ما هي الإجراءات الحكومية الاستباقية أولا ً لحل مشكلة هؤلاء الناس في مناطقهم، وثانيا ً في حالة حركتهم بإتجاه موطنهم وهو أمر وارد في أي وقت، ربما يقول قائل ( اللي فينا مكفينا )، هذا صحيح ولكن المشكلة تفرض نفسها وتحتاج إلى بحث وتقديم مقترحات للحلول في كل الإتجاهات، نحن هنا نتحدث عن الاردنيين في منطقة الخليج تحديدا ً اما في باقي مناطق العالم فالأمر مختلف لأن نوعية العمالة وطبيعة العمل والشركات والقطاعات الحكومية فيها استقرار لا يسمح بإتخاذ قرارات خارج مؤسسة القانون،
نحن نقدم الشكر لاخوتنا في الخليج على استيعاب العمالة الأردنية التي اثبتت انها مخلصة وكفؤه وقادرة على التحمل والنهوض بالمهمات الموكلة اليها بشهادة اهل الإختصاص هناك، وفي الوقت نفسه ندعو إلى النظر ايضا ً في الواقع الإقتصادي في الأردن ودوره في تحمل الأعباء السياسية في ظل لهيب المنطقة مما يستدعي نظرة خاصة إلى العمالة الأردنية الى ان يقضي الله امرا ً كان مفعولا ً.