هل نحن أمام منعطف سياسي كبير؟
د.رحيل الغرايبة
12-11-2016 01:35 AM
فوز ترامب ليس حدثاً عابراً، فمن يجلس على مقعد رئاسة الولايات المتحدة فهو يتربع على مقعد قيادة القوة الأولى في العالم، وعلى جميع دول العالم الكبرى والصغرى أن تكيف نفسها وأن تستعد للتعامل مع القادم والجديد شاءت أم أبت، أعجبها شخصية الرئيس أم لم يعجبها، فهذا الإعجاب وعدمه لا يقدم ولا يؤخر، لأنه سوف يحتل موقع توجيه الاوكسترا، وعلى كل العازفين استلام الإشارة والاستجابة لها.
لم تفلح الدراسات والآلة الإعلامية التي تصنع الرأي العام العالمي بتغيير الحقائق على الأرض، وعلى كل الذين وقعوا في الخديعة، أن يعملوا على إعادة التوازن لأنفسهم، وأن يستفيقوا من غفلتهم من أجل الاستدراك، لأن العالم أصبح أمام منعطف جديد مرسوم من قبل الجمهوريين والمحافظين الأمريكيين الذين يحاولون إعادة هيبة أمريكا، وإعادة ما سقط منها حسب رأيهم على يد أوباما وحزبه، فالرئيس الجديد يمثل الأميركيين البيض الذين يحملون جينات الكوبوي الأمريكي رعاة البقر الذين رسموا معالم الشخصية الأمريكية في الذهنية العالمية.
المجموعات والنخب العربية المتغربة التي قفزت للسلطة في غيبة الجماهير، واستطاعوا الإطاحة بصناع القرار تحت عناوين المهارات العلمية والحاسوبية واتقان الحديث باللغة الانجليزية بطلاقة، واستطاعوا إيجاد عوازل متتالية بين الشعوب والسلطات الحاكمة، وتشبعوا بثقافة الفوقية واستحقار العامة، وأرسوا أنماطاً من التعامل القائم على العجرفة والغطرسة من خلال احتكار المعلومة وحجبها عن الناس، سقطوا اليوم في شر أعمالهم من خلال تأكيد توقعات مبنية على أوهام الإعلاميين، ومقاولي التقارير المفبركة، الممزوج بشعور بشعور الهيمنة وروح الاستحواذ المطلق، ولذلك هم اليوم أمام إعصار كبير سيطيح بكل صروح الوهم.
الشعوب تملك فرصة هائلة من أجل الإمساك باللحظة الراهنة التي تمكنهم من إعادة التوازن إلى المسار الطبيعي الصحيح المتمثل بإنجاز الإصلاح الوطني الشامل المتدرج القائم على استرداد الشرعية الوطنية، وبناء المشروع الوطني الكبير القادر على جمع الطاقات والكفاءات النظيفة المخلصة في إطار البناء وصناعة النهوض المجتمعي المتكامل على كل مسارات التنمية وحماية مقدرات الدولة من العبث وضرورة الاستثمار في إعادة بناء الإنسان العربي القادر على ردم الفجوة الحضارية التي تزداد اتساعاً بيننا وبين المجتمعات المتقدمة.
الدستور