امضينا اياماً معدودات في ربوع مصر العربية وكان الهمّ المعاشي اليومي رأس الحربة لحديث السائقين والباعة والعمال والاعلاميين الذين التقيناهم، حتى الفنانون من ممثلين وراقصات يشكون من عذابات الحصول على زبائن وانتاج فني.
رفع اسعار الوقود كان الحدث الاكبر، والنقد اللافت للحكومة التي قامت بهذا العمل على ابواب الشتاء، فبعد ان استنفد الجمهور المصري الطرائف عن ثلاجة الرئيس عبدالفتاح السيسي، صب الناس غضبهم على الرؤوس الكبيرة التي اقرت التسعيرة دون الالتفات الى معاناة الشعب ووضعه الحياتي الصعب وبدت على ألسنتهم ألفاظ جريئة لم نعتدها في العهد الجديد الا من الاخوان المسلمين بعد تغيير الرئيس السابق محمد مرسي.
الحديث مع عامة الشعب قادنا الى التساؤل: ان كانت الجمعة المرتقبة 11/ 11 ستكون اشبه بثورات سابقة اسقطت رؤوساً .. الاجابة والانطباع، وهما اخطر من الحقيقة، كانا باتجاه واحد هو الحفاظ على البلد فلا متشجع من المشاركة او جدوى النتيجة، فالبقاء على الوضع القائم مع كل الملاحظات عليه افضل من الفوضى والعودة الى المجهول فلهذا لا يظنن احد ان الجمعة ستثمر عن شيء مهما علت اصوات اخوانية او شبابية عبر مواقع التواصل للقيام بعمل ثوري جديد.. ناهيك عن الاستعداد العسكري الشديد لمنع حدوث ذلك.
قصة الدولار ولعبة التعويم وضعت الناس في حيرة الغد.. فلا احد يعلم ماذا يخبئ الرئيس في جعبته حينما يتخذ قرارات تتعلق بالاقتصاد وإن حاول عمرو اديب الاعلامي الاكثر مشاهدة على قناة ON التلفزيونية وزوجته لميس الحديدي، اقناع المشاهدين بان ما يجري لمنفعتهم والايام القادمة افضل لهم.
على بوابات القاهرة تصادفك اعلانات القناة المذكورة وبرامجها اليومية لكن يلفتك اعلانات اخرى لقناة تحت التأسيس يهمس في اذنك احدهم بالقول انها dmc ستكون الاقوى لانها للمخابرات المصرية وهي اشبه بمقولة المطار السري الذي يعرفه الجميع علناً مع ان اسمه لا يشي بذلك.
السياحة في العاصمة متوقفة الى حد ما، لكن وجهة المسافرين العرب ستبقى نحو القاهرة ومصايف البحر الأحمر والشكوى هي الصفة الغالبة كون الايام الخوالي كانت الاكثر دفعا وتميزا.
الأشقاء الخليجيون لا يظهرون ابداً بملابسهم العربية الشعبية فكلهم يرتدون اللباس الافرنجي – ان جاز الوصف – ويميلون الى اخفاء هويتهم الوطنية خشية استغلال او ملاحقة ثقيلة او ما شابه ذلك.
اكثر ما سرنا في ايام القاهرة الاعلامية والفنية مشاركتنا في مونديال للابداع فاز فيه اردنيون من خلال انتاجهم الفني الرائع وظهورهم على المسرح وسط تصفيق واحترام لانجازاتهم رغم عدم دفعهم لاي مبلغ مقابل اعلان يميزهم كما ظهر مع برامج خليجية فائزة ليست ذات بال.
نهاية القول ان الشعب المصري قوي بايمانه ببلده ومحبته لدولته والتفافه حول اهمية ان تبقى آمنة مستقرة وعدم التفاته الى دعوات التخريب او الانقلاب على الثوابت وهي نقاط مهمة تخرج بانطباع جيد نحوها خاصة اذا استمعت الى نقد الحكومة واصحاب القرار بصوت عال دون الخوف الذي كان سائدا في فترة ما، والحديث بجرأة دون المساس بروح مصر والمصريين الطيبة التي تعاني الآن من البطالة والاقتصاد المر والرواتب التي لاتكاد تكفي سد الرمق، وهي مشكلات لا يعانيها الاشقاء فقط بل نحن وغيرنا من العرب من خليجه الى محيطه وهو ما يعزيهم ويعزينا.
samhayari@gmail.com