اللامركزية على الابواب بقانون يبحث في أبعاد إدارية وتنموية ، ولكن لا يوجد في نصوصه تأكيد على فك الارتباط بمركزية القرار ، أو إنفكاك في المراسلات والموافقات عن مركز الوزارات والمؤسسات في عمان.
معظم دوائر الحكومة أو المؤسسات العامة وحتى الخاصة والبنوك لا تزال ترتبط بالمركز « عمان « ويجب ان تخضع أغلب المراسلات الخطية المرسلة بالبريد العادي للموافقات على القرارات أو حتى الاستشارات البسيطة ، رغم توفر قاعدة البيانات المتواجدة في أجهزة الحاسوب أو الارشيف من أوراق وخرائط مرجعية في المحافظات ، ولكن البيروقراطية تصر على البقاء ،ولو تحت عنوان المصادقة على القرار أو التواقيع ، أو على الاقل للعلم وشوهد.
ما ذنب المواطن لنقل هذه المراسلات احيانا ، أو تحمل ضغط الوقت وبعد الاماكن وتشتتها هنا وهناك في ظل حديث حكومي واعلامي يطول ويتكرر عن الحكومة الالكترونية وسرعة الانجاز.
مرة اخرى نستعين بمثال واضح للعيان وهو دائرة الاحوال المدنية والجوازات ، التي تتعامل مع أدق وأهم الوثائق ، فيمكن للمواطن اخراج أي وثيقة من مكتب تابع للاحوال في وقت قصير لا يتعدى ساعة في الظروف الطبيعية ، ولا يمكن تأجيل أي معاملة لليوم التالي تحت ظرف ضغط العمل ، في حين جل مؤسسات الدولة في المحافظات تمارس المماطلة–وتعال بكره -أو ننتظر اجابة عمان وموافقتها.
في بلديات المملكة الاكثر طلبا لخدماتها من المواطنين ، تتم المراسلة بين مركز البلدية والمناطق ، ثم العودة من المناطق الى طوابق العمل واقسام البلدية ، ثم مخاطبة الدوائر الرسمية في مركز المحافظة ، ومركز المحافظة يخاطب المركز الام في عمان ، ثم سلسلة اخرى لعودة المراسلات ولعدة ايام ، وفي النتيجة تذيل عشرات التواقيع والاختام بالمصادقة على التوقيع والختم دون النظر - في الغالب - على المحتويات.
ومثال ذلك مخططات الابنية وتقدير قيم الفضلات ، فالمنطقة تخاطب قسم الاستملاك في البلدية ، الذي بدوره يخاطب رئيس البلدية ليخاطب مدير دائرة الاراضي في المحافظة ، والذي بدوره يخاطب المدير العام للاراضي في عمان ، الذي يصادق على الاجراءات وسعر الاساس المقدر للارض ، ثم يخاطب رئيس البلدية..وهلم جر ، والمواطن ينتظر ويجري مئات المكالمات الهاتفية لتحريك المعاملة والتوسط لانجازها..فالى متى ذلك ؟.
الراي