السياسيون خارج السلطة شيء وفي داخلها شيء آخر وكذلك الإقتصاديون.
هذه لوحة إعتدنا أن نراها في المشهد الوطني الأردني , لكن الأفق إزدحم في مظاهرها اليوم والتحذير من المخاطر كان ولا زال أبرز عناوينها , فبتنا نقرأ عبارات كثيرة في تصريحات ساخنة مثل أن الأردن يمر في أخطر محطة في تاريخة وهذه سنة صعبة والأردن على مفترق طرق , والعواصف قادمة وإنهيار الإقتصاد بات وشيكا والإفلاس يخيم في الأجواء..
يمكن فهم ذلك في سياق طبيعي إن كان لا يقصد المبالغة لكنه ليس كذلك إن كان يعكس صراعا على السلطة تعرض فيه هذه النخب نفسها كحل.
صحيح أن الاضطرابات في المنطقة رتبت أعباء كبيرة على الأردن لكن أستطيع أن أقول أن هذه الاضطرابات يمكن أن تشكل في ذات الوقت فرصة كبيرة لتحقيق فوائد للاقتصاد بحسن الادارة والجرأة في إتخاذ القرارات وتنحية الحساسية المفرطة في التعامل مع هواجسها وتداعياتها.
الحقيقة التي لا تريد أن تقبلها النخب هي أن ما صلح له رجال الأمس قد تعجزهم وقائع اليوم , فلكل زمان دولة ورجال ولا تجوز المقارنة بين الأزمان الا بمقدار الافادة من التجارب ولا تجوز المفاضلة كذلك باعتبار أن الميزة هي الاستمرارية على أساس التراكم , فالعهد في كل زمان ومكان الجديد فيه يرث الإنجازات كما يرث التحديات.
ربما تكون العودة المفاجئة لبعض رجال العهود السابقة عبر صور متعددة قد أغرت كثير من رجالات ذلك الجيل فنفضوا الغبار وبدأوا تحركات إن كانت لا تزال حذرة لكنها بداية لتسويق واضح المعالم.
منذ متى لم يمر الأردن على محطات صعبة , فكم من المحطات عبر وكم منها سيعبر. صحيح أن اليوم الأردن يواجه إصلاحات سياسية وإقتصادية هي إستحقاق لا بد منه لكنها في ذات الوقت هي إنعكاس لنضوج يحتاج لأن يكتمل حول فكرة وهوية الدولة التي تحتاج أكثر من أي وقت مضى الى حسم وتحديد واضحين.
الراحل الحسين كان كمن يسير على حد السيف , كذلك جلالة الملك عبدالله الثاني , وقد ظل السؤال الأهم , كيف نجا الأردن ولا يزال وهو في عين العاصفة , بل تحول الى ملجأ آمن لأفواج الهاربين من الظلم من قبل ومن بعد وللالاف ممن قذفتهم ألسنة النار في دول الجوار.
فرصة هذه الحكومة في البقاء لسنوات أربع ليس مرهونا فقط برضى مجلس النواب , بل برضى الناس الذين لم يتوقف رئيس الوزراء عن وصف حكومته بأنها خادمة لهم , فمن المهم أن تعمل على مكانتها وليس من سبيل سوى إبتكار أفكار خلاقة ونفض القلق.
الراي