الملك .. والموجوع كوهين والجيروزاليم بوست
اسعد العزوني
09-11-2016 11:46 AM
طالعتنا صحيفة "الجيروزاليم بوست" الباهتة، بمقال يبث وجعا مزدوجا، الأول وجع كاتبه الموحى إليه المدعو كوهين، والثاني وجع من أوحى إليه أن يكتب ذلك وهو جوقة الزعرنة والبلطجة والتعنت في مستدمرة إسرائيل الخزرية وفي مقدمتهم العنجهي النتن ياهو، الذي لم يصل علمه حتى إلى ألف باء السياسة.
ونجم عن هذا الوجع الذي لن يتوقف عند أصحابه إلا بحرقهم بالنار حتى يتخلص العالم من أذاهم، ومن عنجهيتهم وإتهامهم لمن يرفض أن يكون في صفهم بإتهامات عديدة في مقدمتها أنه معاد للسامية، وها هم الآن يتوجعون حد الصراخ بسبب قرار منظمة اليونسكو الذي حسم إسلامية المسجد الأقصى، علما أنهم هم انفسهم وبعد أكثر من مئة عام على حفرهم وتنقيباتهم في القدس، عن أي أثر ولو كان باهتا يدل عليهم في المدينة المقدسة، ولكنهم فشلوا.
يبدو أن الموجوع كوهين ومن قبله الموجوع النتن ياهو لا علم لهما بالتاريخ، وأنا لا ألومهما لأنهما يتخذان من العنجهية منهجا، وانهما على يبدو لم يطلعا على تقارير علماء الآثار اليهود الضالعين في هذا المجال، وفي مقدمتهم أبو الآثار كما يسمونه في مستدمرة إسرائيل وهو عالم الآثار الأبرز إسرائيل فلنكشتاين، من جامعة تل أبيب الذي إعترف بعدم وجود أي آثار تربطهم بالقدس.
جاء ذلك في تقرير موثق نشره في مجلة "جيروزاليم ريبورت" في شهر آب من عام 2008، وأوضح فيه أن علماء الآثار اليهود لم يعثروا على أي شواهد تاريخية أو أثرية تدعم بعض القصص الواردة في التوراة كإنتصار يوشع بن نون على كنعان، كما شكك بقصة داوود الشخصية الأكثر إرتباطا بالقدس حسب المعتقدات التوراتية، ونفى أن تكون القدس عاصمة ليهود يوما كما يدعون، وأنه سيأتي من صلبهم من يشرف على الهيكل الثالث، وأنه لا وجود حتى لمملكتي يهودا والسامرة، واصفا هذا الإعتقاد بأنه محض خيال ووهم مصطنعان، كما نفى وجود إمبراطورية يهودية تمتد من مصر إلى نهر الفرات في العراق.
وجاء في التقرير أيضا ان اليهود لم يكونوا سوى قبائل صغيرة متناحرة، وذهب أبعد من ذلك بقوله أنه لا وجود أصلا لهيكل سليمان، وأيده بذلك عالم الآثار الإسرائيلي رفائيل جرينبيرغ من جامعة تل أبيب، ومعه عالم الآثار المستقل البروفيسور يوني مزراحي.
بدأت الحفريات اليهودية في القدس منذ أيام الخلافة العثمانية، حيث قامت الحركة الصهيونية آنذاك بإنشاء صندوق خاص لتمويل بعثات يهودية من أوروبا والغرب، لإجراء حفريات في القدس على وجه الخصوص، وضللوا الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد الثاني بأنهم يعملون على التنقيب عن المياه في القدس لإنقاذها من العطش الذي تعاني منه، وإستمرت هذه الحفريات حتى العام 1967.
وعندما تسلموا القدس في حرب الساعات الست، بدأوا يمارسون الحفروالتنقيب في القدس علانية، كبعثات يهودية وإنتقلوا إلى جوانب وأسفل الأقصى، ولم يعثروا حتى يومنا هذا على أي أثر يربطهم بهذه الأرض المقدسة.
حاول مسؤولو مستدمرة إسرائيل الإسبارطية ثني اليونسكو عن قرارها لكنهم فشلوا، فعمدوا إلى تنفيس وجعهم بطريقة تنم عن نكران الجميل المشهورين به على مر التاريخ، واستهدفوا جلالة الملك عبد الله الثاني ملك الجميع في الأردن، وأوحى النتن ياهو إلى قطروزه الموجوع كوهين لينفث السموم بإتجاه جلالة الملك عبد الله الثاني وإتهامه بأنه يمثل تهديدا لأمن ومصالح مستدمرة إسرائيل القومية، وكانوا سابقا قد هاجموه بإتهامه بأنه ضد التطبيع، وقالوا انه آخر الملوك الهاشميين، علما انهم نفثوا مثل هذا السم بقولهم أن الراحل الحسين هو آخر الملوك الهاشميين.
المدعو كوهين أشعل شمعة في الظلام ظنا منه لعنجهيته وعنجهية من اوحى إليه لقصر تفكيرهم، أنهم سيشوشون على جلالة الملك، وقال كوهين في مقاله المسموم إن اليونسكوأنجزت قرارها التاريخي حول إسلامية الأقصى، بعد حديث جلالة الملك في الأمم المتحدة إبان إجتماعات الجمعية العمومية أواخر أيلول الماضي، مبشرا بالهلاك لإسرائيل لأنها ليست عادلة مع الفلسطينيين.
وبالمناسبة فإن جلالته يبعث في نفوسهم الوجع المرة تلو الأخرى ويوجع قلوبهم أيضا خاصة عندما يزور الولايات المتحدة ويلقي محاضرات في بعض جامعاتها ويبهر في لقاءاته صناع القرار الأمريكي لعقلانيته ومنطقه، ويحظى باحترامهم.
واصل الموجوع كوهين بث وجعه ووجع من اوحى إليه أن قرار اليونسكو التاريخي جاء بعد الدعم المستمر والكامل وبمبادرة من جلالة الملك، وأكد أن "ملك الأردن ليس صديقا لنا وانه ونظامه جزء من المشكلة"، وفي الحقيقة أن "لوبي الهيكل" المتطرف يسعى جاهدا لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى والتخلص من الوصاية الأردنية، أي أنه وبمباركة من النتن ياهو يريدون مجددا ضرب معاهدة وادي عربة بعرض الحائط.
ردنا المتواضع حول هذا المعتوه والموجوع المدعو كوهين هو أن كافة الترهات –الاتهامات التي ساقها ضد جلالة الملك عبد الله الثاني في محاولة خسيسة للنيل من جلالته، إنما هي تيجان من ألماس تزين رأس جلالته، وأنا شخصيا أقف أمامه رافع الرأس متوهج الكرامة، لأنني لا أضع على رأسي طاقية أرفعها تحية له.
جلالة الملك عبد الله الثاني صاحب سلاح العقلانية والمنطق يعرف ماذا يريد، فهو ملتزم بأمن مستدمرة إسرائيل مع ما لذلك من ثمن، لكن هذه المستدمرة التي تتقمص شخصية مملكة إسبارطة البائدة، لا تلتزم بأمن الأردن وإستقراره بل تتمنى اليوم قبل الغد أن تندلع فيه النيران وتثور فيه القلاقل.
كما أن هذه المستدمرة وزعماءها الذين كانوا يظنون أنهم الصوت الوحيد المسموع في الولايات المتحدة الامريكية، وقد صدموا عندما وجدوا أن صوتا آخر يتمتع بالعقلانية ويرطن بالإنجليزية أفضل منهم ويتحدث مع صناع القرار بطريقة متواضعة، وليس بعنجهية وتعنت كما يفعلون هم، كما أن الأردن لم يسجل سابقة واحدة تتمثل بإلحاق الأذى بالولايات المتحدة ومصالحها، كما فعل يهود بحر الخزر بقتلهم الرئيس الأسبق جون كنيدي منتصف ستينيات القرن المنصرم، لأنه إستدعى رئيس وزراء المستدمرة الأسبق ديفيد بن غوريون وعنفه لبناء مفاعل ديمونا النووي، وقال في تصريح علني بعد اللقاء "إلى متى ستبقى إسرائيل فوق القانون؟"
ولا ننسى أن عملاء إسرائيل في أمريكا تجسسوا على الولايات المتحدة وأساؤوا لعلاقاتها مع دول عربية وسرقوا أسرارها وباعوها للصين، كما أن يهود أمريكا وبمباركة من زعماء مستدمرة إسرائيل خططوا ونفذوا جريمة حرق وإنهيار البرجين في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001 لزعزعة أمن الولايات المتحدة وتفكيكها، وهم من يقفون حاليا وراء حركة "نعم كاليفورنيا" التي تدعو لإنفصال كاليفورنيا.
شكرا للموجوع كوهين الذي عبر عن وجعه ووجع النتن ياهو بطريقة أدخلت السرور إلى قلوبنا، وأظهر جلالة مليكنا بكل الصفات التي نحبها.