يمكن تعريف العاصمة بأنها المدينة التي تحتوي مقرات السُلطة في الدولة ومقر اقامة الحاكم والوزارات والسفارات الأجنبية, ببساطة يمكن القول انها تجمع ساسة البلاد كافة.
في اردننا الذي تبلغ مساحته 89,342 كم/2 ويقسم الى 12 محافظة (وعاصمتها عمان), لكن عمان لا تكتفي بكونها عاصمة الأردن سياسياً, فعند النظر الى المدينة التي تبلغ من المساحة 1,680 كم2 (8.54% فقط من مساحة المملكة), نجد أن تعداد سُكان عمان يزيد عن الأربعة ملايين نسمة (نصف سكان المملكة), وذلك حسب معلومات دائرة الإحصاءات العامة وتعدادها لعام 2015 –المشهور بأغنيته- اذن فجاهبذة المؤسسات الحكومية في الأردن استطاعت ان تجمع نصف البلاد في ما يقل عن عُشر البلاد, على الرغم من أن المعقول والمعروف في الدول المتقدمة تجنب المركزية والاكتضاض السكاني والعمراني وتحسين الخدمات تجنباً لحدوث ظاهرة الكثافة السُكانية, الا انه لا يخفى على احد ان عمان على الرغم من انها من اكثر العواصم غلاءً في العالم هي اكثر المُدن هجرة لها في الأردن وذلك ليس للخدمات المتميزة او البُنية التحتية فيها وهي العاصمة التي تغرق بعد كل "شتوة" بل ذلك لأنها الوحيدة التي تُحتكر بها الخدمات والمؤسسات والتي تكمن فيها فرص العمل في حين ان باقي المدن في المملكة منسية لا خدمات لائقة فيها على مستوى جميع القطاعات, فعمان اليوم تجاوزت وظيفتها العاصمة السياسية للملكة بحسب التعريف الذي ذكر سابقاً, لتصبح هي المملكة فقط في كل النواحي فهي العاصمة الاقتصادية ذلك أن 90% من اقتصاد الأردن يوجد في عمان واجتماعياً أيضاً فعمان تحتوي على كافة الطبقات الإجتماعية والموزعة على مساحة المدينة الضيقة, فبين طبقة أغنياء عمان الغربية وباقي ما تبقى من الطبقة الوسطى يقع جسر عبدون ذو المسربين وفي صويلح لا يفصل بينهم الا دابوقها وحيها الشرقي -مع اندثار البرجوازية في معظم عمان- اما باقي المحافظات فمعظم سُكانها من الطبقة الكادحة.
ومن حيث السياحية وهي عصب مهم لإقتصاد الأردن فتعداد الفنادق/الشقق الفندقية في عمان بحسب احصاء عام 2014 يبلغ 277 فندقاً/شقة فندقية/اجنحة فندقية في حين ان تعداد الفنادق المصنفة في باقي المحافظات كافة يبلغ ما يقارب 116 منها 83 في العقبة والبتراء والبحر الميت , ولا بد من التنويه ان فئات الخمس نجوم تتواجد فقط في عمان والعقبة والبتراء والبحر والميت.
اما التعليم الذي اصبح بالإمكان ربطه اليوم بالإقتصاد والتجارة اذ انه اصبح سلعة اكثر من انه غاية سامية لرفعة الوطن, ففي عمان اهم المدارس واكبر تعداد للجامعات ومدارس البرامج الأجنبية معظمها في عمان, ومن حيث الصحة فمدينة اربد تحتوي على اهتمام وزارة الصحة في اقامة المستشفيات الحكومية في حين ان عمان تحتوي على 40 مستشفى خاص من 61 على مستوى المملكة, على الرغم من انه كما اسلفت تعداد سُكان عمان هو الأكبر في الأردن, فالقطاع الصحي على شاكلة التعليم ايضاً اصبح سلعة.
وفي عمان يتواجد مطارين من اصل ثلاثة مطارات اردنية, وهي الوحيدة التي تُقام بها مشاريع تنظيم للنقل –على الرغم من قلة فائدتها- وطبعاً ازدحام عمان المروري الذي لا يخفى من ملاحظته احد فهو يعود الى كافة الأسباب السابقة, وهذا الإزدحام الذي اصبح جهابذة صُناع القرار يأخذون قرارات تعسفية بنية التخفيف من الإزدحام متناسين الضرر الذي يلحق بالناس من مواطنيين في حملات المخالفات التي لا تنتهي مع انعدام وجود اماكن اصطفاف امام المحلات التجارية على الرغم من ان امانة عمان تأخد مبلغاً مادياً (بدل مواقف) من اصحاب العقارات الذين لا يأسسون اماكن اصطفاف مناسبة لعقارهم..وافضل مثال على ذلك وسط البلد الذي يُعتبر مركزاً سياحياً مهماً, وعليه فقد قررت امانة عمان ان تقوم بإجراءات تسببت في اغلاقات للمحلات التجارية نتيجة الضيق الذي شعر به التجار, وفي حين كان الموسيقار العمدة عقل بلتاجي يجيب عن اسئلة الصحفيين بالغناء, قام السيد خليل الحاج توفيق نقيب تجار المواد الغذائية بالنزول والإستماع لشكواي التجار. طبعاً ولزيادة الإزدحام يقام في عمان ماراثون يغلق العاصمة في حين ان الأردن يحتوي على الكثير من الأماكن التي قد تحتاج الى ماراثونات تحسن في ماراثونها الإقتصادي المرهق.
بحسب معجم المعاني الجامع فإن كلمة "َتدْويِلُ" هي اعطاء الصبغة الدولية لأمر معين, وعاصمتنا عروسنا الجميلة عمان اصبحت اليوم مدينة تحمل صبغة دولة , عمان اليوم تحمل البُنية التحتية لقرية واسم مدينة لكنها في الحقيقة تقوم بوظيفة دولة, من الطبيعي ان تكون العاصمة هي المدينة الأكثر خدماتية والأكثر سكاناً في الدولة لكن ليس عليها ان تكون المدينة التي تحتضن الدولة بكافة قطاعاتها, اليوم نحن بحاجة الى خطط تنمية وبناء مرافق في كافة المدن والمحافظات..فعمان ضغوطاتها اليوم من كافة الجوانب واهمها السُكانية والغلاء في الأسعار ينهش كالمرض العُضال,ونتيجة لذلك فأسعار المساكن في عمان اصبح يفوق بكثير القدرة الشرائية للمواطن الأردني وعليه فإن فكرة امتلاك منزل في عمان اصبح حُلماً, يجب على الحكومة التوجه في تحسين الخدمات في كافة المناطق, وتحسين العيش فيها.. فنحن نستحق مستقبلاً افضل لبلادنا.