خلوة في العقبة وأسئلة للعقبة
بلال حسن التل
09-11-2016 01:05 AM
نظمنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل، خلوة راجعنا من خلالها مسيرة الجماعة، لنتعرف على ما أنجزناه، وما نجحنا فيه وأين أخفقنا ولماذا؟ ومن ثم ما هي سبل تعظيم الإنجازات، وما هي آليات تجنب الإخفاقات، فالمراجعة هي أفضل أداة من أدوات القياس والتقويم، وغياب مبدأ المراجعة عن مؤسساتنا في كل القطاعات من أسباب تعثرالكثير من هذه المؤسسات، وتراكم أخطائها، بل وتكرارها وتفاقمها. هذه واحدة، أما الثانية التي دفعت إلى تنظيم هذه الخلوة فهي الرغبة في المتابعة المبنية على المراجعة والتقويم، ومن ثم التخطيط للمراحل القادمة من عمل الجماعة، فالتخطيط هو العنصر الرئيس للنجاح على كل المستويات، وهو بالضبط ما تؤمن به الجماعة، وتسعى لتطبيقه في كل نشاطاتها، ومن عناصر النجاح التي تسعى الجماعة إلى تحقيقها في عملهاعنصر المتابعة الحثيثة لبرامجها وأنشطتها ومبادراتها، فإذا كان من المهم أن نضع الخطط على الورق، أو أن نعقد الاجتماعات والمؤتمرات، لنتخذ القرارات والتوصيات، فإن الأهم تنفيذ كل ذلك بالمتابعة الحثيثة، وهو ما تسعى الجماعة إلى فعله.
غير الجانب العملي من مبررات عقد خلوة لجماعة عمان لحوارات المستقبل، فإن من مبررات عقد هذه الخلوة تغذية العلاقات الإنسانية بين أعضاء الجماعة وتعظيمها، لتصبح علاقة مبنية على التعارف والمحبة والألفة والذكريات المشتركة، ليصبح العمل ممتعاً والمشاركة مطلوبة، والتعاون عنواناً للعمل الذي تتكامل فيه الجهود. من هنا أهمية «أنسنة» العلاقات بين الرفاق والزملاء والشركاء، بل والأقارب. ونحن في جماعة عمان لحوارات المستقبل «ذلك كله» فنحن رفاق مسيرة، وشركاء في مشروع حضاري إنساني، حول العلاقة بيننا إلى علاقة «مودة»، وهي أسمى وأمتن العلاقات الإنسانية، التي جعلها رب العزة أساس قيام الأسرة التي هي نواة المجتمع، لذلك فإننا في الجماعة نشعر أننا أسرة واحدة، زادتها خلوة العقبة تواد وتراحم، خاصة عندما كسرت هذه الخلوة روتين العلاقات، وروتين الاجتماعات، ومن المعلوم أن الروتين هو قاتل حقيقي ومحترف، لكل إبداع، وعنصر هام من عناصر فتور الهمم، وتراجع الإنتاجية، لذلك فإننا نتمنى على كل مؤسساتنا أن تجتهد لإيجاد الوسائل حتى لا يقع أفراد هذه المؤسسات في الروتين وسلبياته القاتلة.
كثيرة الأسباب التي جعلتنا نختار العقبة لعقد خلوتنا فيها، فغير الضيافة الكريمة من عضو الجماعة الأستاذ ميشيل نزال، فإن ملفي السياحة والاستثمار من الملفات الهامة على جدول أعمال الجماعة، والعقبة كما هو معروف واسطة العقد في خطط الاستثمار والسياحة، لذلك لابد من استكشاف عناصر الجذب فيها، غير تلك المعروفة للناس، وهذا سبب مهم لاختيار العقبة مكاناً لعقد خلوتنا فيها، فكيف والعقبة توفر لنا أمراً مهماً، هو البعد عن مكان العمل اليومي وارتباطاته، بل وتخلعنا من كل شيء له علاقة بروتين الحياة اليومية لكل فرد منا، وتفرغه تماماً لما جاء إلى العقبة من أجله، وبذلك يتحقق الهدف الرئيس للخلوة.
لهذه الأسباب انطلقنا يوم الخميس الماضي إلى العقبة وسارت الرحلة سيراً حسناً، وكان الفرح هو العنصر المسيطر على المشاركين، لولا منغصات مطبات وحفر الطريق الصحراوي، فهل يُعقل أن طريقاً دولياً واستراتيجياً وحيوياً، يصل إلى هذا الحال من الخراب، ثم لا نعمل ليلاً ونهاراً على إصلاحه، إن كنا نريد سياحة حقيقية تشكل جزءاً رئيساً من سلة اقتصادنا الذي نسعى إلى بنائه، هذا هو السؤال الأول الذي نضعة بين يدي صناع القرار في بلدنا؟
السؤال الثاني فرضه سلوك شرطي من الدوريات الخارجية، كانت كامنة على مشارف العقبة، واختارت الحافلة التي كنا نستقلها لتصطادها بذريعة أجمعنا على عدم صحتها، لكن شرطي الدورية أصر عليها، وحرر مخالفة بحق السائق، أضاف إليها أسلوبا فضا في التعامل مع السائق، ومع الزملاء الذين حاولوا أن يلطفوا الأمر معه، خاصة بعد أن انتقل الشرطي إلى مرحلة التهديد والوعيد للسائق، والسؤال المطروح هنا: هل من حق الشرطي استخدام الفضاضة مع المواطنين؟ ثم لماذا لا يتم تدريب الكوادر الموكل إليها التعاطي مع الجمهورعلى أساليب التعامل الإنساني،لأن الفضاضة في التعامل من أهم أسباب فشل الخطط والبرامج والمشروعات، فليس المهم ما يوضع على الورق بل الطريقة التي يصل بها إلى الناس، من هنا أهمية إعداد وتأهيل العناصر البشرية على التنفيذ الإنساني للقرارات والسياسات، فما قيمة كل الحديث عن الاستثمار والسياحة في العقبة وغير العقبة إذا كانت الممارسات على الأرض فضة ومنفرة؟ سؤال برسم المسؤولين في العقبة وغيرها.
منغص آخر تعرضنا له فبعد دقائق قليلة من مغادرتنا لكمين الدوريات الخارجية، وصلنا إلى مركز الجمارك الرابض على مدخل العقبة، حيث جرى التعامل أيضاً فيه بقليل من المهنية، لكن الصادم بالأمر المعلومة التي وصلتنا ومفادها، أن التفتيش الجمركي مقتصر على الحافلات التي تقل الأردنيين فقط، وأما سواها من الحافلات والسيارات فلا يتم إخضاعها للتفتيش الجمركي، وقد رأينا بأعيننا ونحن نقف على نقطة التفتيش العديد من الحافلات السياحية والكثير من السيارات التي تواصل سيرها باتجاه العقبة دون أن تتوقف عند نقطة التفتيش، فماذا يعني ذلك: هل هو تميز طبقي بين ركاب الحافلات وركاب السيارات؟ وهل كل أردني يستقل حافلة مشبوه ومتهم بمحاولة التهريب، بينما السائح أو راكب السيارة منزه عن ذلك؟ أسئلة كثيرة نتمنى أن نسمع عنها إجابات من المعنيين الحريصين على صورة العقبة، وحتى لا تظل الأسئلة حائرة في أذهان الناس فيضعون لها إجابات سلبية.
الراي