في رسالة الملك لرئيس ديوانه اشارة هامة حول ضرورة ان يبقى باب الديوان الملكي الهاشمي مفتوحا للناس ، وان يبقى بابا للخير ، وان يلبي احتياجات كثيرين ، باعتباره بابا من ابواب الخير.
لم تأت هذه الاشارة دون خلفيات مسبقة ، اذ انها ترد بهذه الروحية لاول مرة في رسائل الملك الى رؤساء ديوانه الذين توالوا على الموقع واحدا تلو الآخر ويقول الملك في رسالته.. "ولقد كان ديواننا الهاشمي العامربمحبة الاردنيين والتفافهم من حوله وسيبقى بعون الله بيتا لكل الاردنيين وموئلا لهم يفيئون اليه كلما اقتضت الضرورة فليبق باب هذا البيت كما كان على الدوام مفتوحا للجميع فالاردنيون اهلنا وعزوتنا ولهم علينا حق المودة والرعاية والتكريم وقد كان هذا دأبنا نحن الهاشميين منذ فجر التاريخ ابوابنا مشرعة للخير وذوي الحاجات"..وهذه الفقرة من رسالة الملك تحمل رسائل عميقة الى وجود ملاحظات من جانب الملك على ملف التواصل مع الناس خلال الفترة الماضية ، وخصوصا ، جانب التعامل مع المظالم واحتياجات الفقراء والمساكين والمرضى والايتام وغيرهم ، ولم تأت هذه الاشارة بكل هذه الصراحة لولا رغبة الملك بتوسعة العلاقة مع الناس من جهة ، والبحث عن كل السبل لمساعدة اي مواطن ، وعدم اغلاق الباب في وجه الناس ، تحت مسميات وتبريرات مختلفة.
من المفترض اذا مراجعة الطريقة التي يتم التعامل بها مع الناس ، وتوسعة منافذ الخير للمواطنين ، واجتراح مبادرات جديدة في العمل التنموي والخيري ومايتعلق بكون الديوان الملكي بابا لستة ملايين اردني ، وقد كانت هناك ملاحظات كثيرة خلال الفترة الماضية على وسائل ادارة هذه العلاقة ، ومدى تفهم البعض لكون الديوان الملكي موجودا اصلا في منطقة شعبية ، وبين احياء فقيرة ، يراه من هو في جبل الجوفة والتاج والاشرفية والقصور ، ويمر من جانبه العمال والفقراء والكادحون ، في وسط البلد ، فهو ليس قصرا ملكيا بالمعنى المتعارف عليه في قصص التاريخ وقصص الخيال ، وهو ليس قصرا فوق الناس ، او يحكم عليهم ، فهو يحكم بالناس ، وعبرهم ، وسر" الهاشمية" اساسا متعلق بخدمة الناس ومراعاة الحجيج واطعامهم ، وهو سر موروث عبر التاريخ ، لايمكن اليوم تحت عناوين تتعلق ب(العصرنة) وصنع مايسمى اليات جافة ، او "بروسسنغ" ادخال المبادرات الملكية الجماعية او الفردية في اطار النكايات الشخصية والحسابات السياسية ، ان نفترض اننا نخدم الناس والدولة ، فالديوان الملكي له تاريخ مع الناس ، ممتد عبر عشرات السنين ، ولايخلو بيت في الاردن ، من لمسة حانية او قصة لاصحاب البيت ، مع ملك من ملوك الهاشميين ، اما عبر تدريس طالب اومعالجة مريض ، او مساعدة محتاج ، او ارسال فقراء وايتام الى الحج او العمرة ، وغير ذلك من قصص ، يبدو العبث في سرها محرما ، ومرفوضا على اعلى المستويات ، حتى وان استهان البعض بتأثيرها.
كان الديوان الملكي مفتوحا دوما للناس ، وفي فترات قصيرة جدا ، تأثرت هذه العلاقة بمؤثرات سلبية ، رقبها صاحب القرار وعرف عنها ، وقد يحتمل الملك خطأ اي مسؤول ، لكنه لن يحتمل سد الباب في وجه الناس ، او حاجاتهم ، لان صاحب القرار يعرف ان هذا باب رحمة ، وفيه تاريخ لايمكن معاكسته ، وكل مانرجوه من رئيس الديوان الجديد ، هو مراجعة الاليات الموجودة ، وتحسينها ، ورفع سقف التواصل مع الناس ، وابداع اليات جديدة سهلة وميسرة لحل كثير من المظالم ، وزيادة الكادر المتفرغ لمهمة التعامل مع قضايا الناس ، وخلق روح من التواضع في التعامل والله بعظمته يقول في القران واصفا المؤمن الجيد بقوله"اذلة على المؤمنين "وفي الاية اشارة واضحة على ان المطلوب يتجاوز حتى التواضع ، ليصل حد استخدام تعبير "اذلة على المؤمنين"من فرط الاحتمال والصبر ، وكل مايعاكس هذه القاعدة ، يذهب كما تذهب الريح ، فقد يكون في سر فقير او مظلوم واحد ، سر يرفع درجات البعض ، ويخفض درجات اخرين.
شكرا للملك بأن ذكرنا كلنا بأن الديوان الملكي ليس مؤسسة حكم ، فوق الناس ، بل مؤسسة شركاؤها ستة ملايين مواطن.
m.tair@addustour.com.jo