طموحات «الليبراليين» في الصعود السياسي قد تواجه الخبرة العميقة للرفاعي
07-11-2016 05:27 AM
عمون - بسام بدارين - قد لا تتمكن «حزمة التشريعات» والوصفات التي يفترض أنها «ليبرالية» ويحملها حصرياً المحامي صلاح الدين البشير بصفته عضواً في اللجنة الملكية الجديدة لتطوير القضاء من العبور بالسهولة التي يفترضها البعض عبر محطة «الخبرة المتعتقة» التي يمثلها رئيس اللجنة المخضرم زيد الرفاعي. البشير وهو وزير سابق للعدل والخارجية ورمز متقدم في مساحة «لبرلة» نظام العدالة يشار إليه اليوم في صالونات عمان واوساطها السياسية باعتباره المعني بنظام «أمركة» نظام العدالة الأردني واستنساخه مجدداً بمساعدة حيوية من شريكين له في سياق التصنيف السياسي القانوني وهما وزيرا العدل السابقان ايضاً أيمن عودة وشريف الزعبي.
تجربة البشير ورفيقيه في مختلف المواقع التي تصدروها في الماضي تؤشر بوضوح على سجل حافل في الصدام وإنتاج التأزم الإجتماعي والحماس المفرط لأمركة كل ما يمكن أمركته تحت ستار الإصلاح والتغيير.
ليس سراً ان الرجل – ونقصد البشير- طامح للعودة بقوة للصدارة السياسية وبدأ بعض المحسوبين عليه بحملة تحاول الإيحاء بان محطته المقبلة بعد لجنة تطوير القضاء قد تكون تشكيل حكومة جديدة مستقبلاً او الجلوس في موقع رفيع في الديوان الملكي أو حتى تسلم سلطة القضاء لكن تلك مسألة تحسمها ظروفها بكل الأحوال. والبشير شخصية مثيرة للجدل في بعدها السياسي وحتى القانوني وترتيباته داخل اللجنة المعنية بتطوير القضاء قد تواجه مشكلتين أساسيتين بصفته العوض الأبرز بعد رئيس اللجنة المخضرم.
المشكلة الأولى الصخرة الصلبة التي يمثلها الرئيس الرفاعي فهو أحد ابرز رجال الدولة وطبقة الحكم وبقي متابعاً لكل التفاصيل طوال السنوات الست التي اعتزل فيها المناصب والسياسة ويتميز بأنه سياسي محنك وخبير بالتشريعات ومؤسس لقوة المركز البيروقراطي لكل أجهزة الدولة وبالتالي لا يمكن تضليله أو العبور من وراء ظهره وتمرير «وصفات معلبة» جاهزة يمكن ان تثير الحساسية او الجدل أو لا تؤدي غرضها في التطوير الحقيقي العميق.
المشكلة الثانية تتمثل في فتور القدرة القتالية عند الوزير السابق أيمن عودة الذي يبدو أحياناً على يمين الإنحيازات الليبرالية عندما يتعلق الأمر بالقضاء ونظام العدالة ويسعى دوما لإمساك كل العصي من نصفها.
وعليه وفي مواجهة «رئاسة صلبة جداً» للجنة التي يراقبها الجميع بما في ذلك القصر الملكي والرأي العام لا تبدو مهمة البشير سهلة او متاحة ببساطة كما يتصور البعض ومن الضروري توقع حاجته الملحة في كل التفاصيل لـ«دعم خارجي» إذا قرر إسقاط «مسطرته» الشخصية على تلك التشريعات التي تعنى بشؤون القضاء وسلطاته وأنظمته.
قصة الدعم الخارجي النافذ قد لا تكون متاحة دوماً لليبراليين او حتى للمحافظين في الدولة والثلاثي «الليبرالي» في لجنة تطوير القضاء سيكون مضطراً للخضوع أحياناً لسطوة وهيبة شخصية من وزن الرفاعي ولترتيب تسويات وحلول وسطية للنقاط المتحفظة على كل فكرة «أمركة» نظام العدالة في الأردن.
الرفاعي بدوره لديه قدر وافر من الخبرة يؤهله لإظهار «مرونة» تجاه اي مقترحات لها علاقة بالتطوير الفعلي إدارياً وتشريعياً وانتخاب وحتى «تقليد أو استنساخ» أنماط مفيدة تخدم الدولة والمواطن بعيداً عن الأجندات السياسية دون «تفريط» بالأسس والمبادئ الأساسية لمصالح الدولة العليا وفقاً للمقربين منه.
لكن حتى هذه المرونة قد لا تعجب بعض أعضاء اللجنة المتحمسين الذين سيتصورون ان توصيات اللجنة ستكون رافعة لطموحاتهم السياسية والعودة لقصة الصراع بين حرسين قديم وجديد في الوقت الذي لم يكن فيه الرفاعي بصدد أي محاولة للابتعاد بعدما صدر التكليف والتوجيه الملكي المباشر. ليس سراً في السياق ان كل وجهات النظر السياسية المتعاكسة تبرز على هامش العمل المتوقع لهذه اللجنة حصرياً خصوصاً وأنها الوحيدة التي تتعامل مع ملف حساس وفي توقيت حساس وبعد طرح ورقة الملك النقاشية السادسة. وليس سراً أن رئيس المجلس القضائي هشام التل وهو خبير قضائي محافظ واستثنائي اقرب للرفاعي فكرياً ولا يتحمس لا للوصفات الليبرالية ولا حتى لفكرة اللجنة برمتها ويتصرف على أساس أنها فرصة جيدة لإنصاف زملاءه في السلك القضائي وتحسين الأداء ومعيشة القضاة لتعزيز استقلالية القضاء كما ورد في نص الورقة النقاشية الملكية.
المرشح لرئاسة مجلس النواب عاطف طراونة نصح زميله الذي فكر في الترشيح للموقع نفسه المحامي عبد المنعم العودات بالتركيز على فرصة معززة لرئاسة اللجنة القانونية في مجلس النواب وبالتالي ضمان مقعده المؤثر في اللجنة الملكية لتطوير القضاء المخصص أصلاً لمن يترأس قانونية النواب.
النعيمات احد الرموز الشابة الصاعدة بقوة في إطار مساحة «التشريع» في المؤسسات الكبيرة وبعض الأطراف تحاول جذبه بإتجاه الوصفات الليبرالية المثيرة للجدل ومن المرجح بكل الأحوال ان ينتبه الرجل للتجاذبات ويختار وصفته الخاصة وإن أصبح رئيساً لقانونية النواب سيكون على الأرجح من المؤثرين في اللجنة الملكية.
بقية أعضاء اللجنة في الواقع خبراء وقضاة مستقلون خارج الأجندات والألوان السياسية، الأمر الذي قد يساعد الرفاعي في تدبير تقرير وازن سيقدم للقصر وبخطوات عميقة عن آليات تطوير الجهاز القضائي ونظام العدالة وبما يكفل في الحد الأدنى عملية مقايسة وطنية مهنية تكفي البلاد شر الأمركة المفرطة وتستعين بما ينفع ويطور فعلاً من مبادئها وملامحها.
القدس العربي.