المخطط الذي يجري تنفيذه لاكتمال الدائرة بين الموصل وحلب هو مخطط يرمي إلى بسط السيطرة الطائفية بين العراق وإيران، الوقود الذي يستعر هو وقود مسلمين يقتضي منهم مراجعة تاريخية تعود جذورها إلى ابعاد سياسية كانت مسألة الخلاف حول الخلافة وأحقيتها بين علي ومعاوية، وما جرى من تعقيد مذهبي لها على مدى عشرات القرون، دخل فيها الدين كعنصر محرك، الهتافات تستحضر ضد الصحابة الكرام، وكأن القتال يجري معهم، نحن نعلم تاريخيا ً أن الصحابة أرفع وأكرم من أن يكون بينهم هذا السب والشتم ومع ذلك أصبحت بوصلة العداء السني الشيعي حاضرة في المشهد والعقل، دونما التفات إلى حرمة دم المسلم بل دم الإنسان، فتاوى القتل بين الأطراف المتناحرة وصلت إلى حد القناعات بالإلغاء والإقصاء.
دخول الدول الكبرى على الخط واضح أنه في صالح الطائفية الشيعية، روسيا تزعمت الموقف ورجحت الكفة، محو القرى والمدن والبلدات، المدارس والأطفال، يجري بطريقة ممنهجة، وضمن مخطط الأرض المحروقة.
للموصل وحلب، حضور في المشهد التاريخي، من الموصل انطلقت الجيوش الإسلامية توحيدا للأرض والسكان ضد الفرنجة وأتت كلها في حطين وحدة ادت إلى تغيير المشهد لصالح المسلمين، تحولت في النهاية مصر والمغرب من شيعية إلى سنية، وتحول الأزهر إلى حام ٍ للمذهب السني بعد أن كان قلعة للترويج للمذهب الشيعي، وحلب هي الأخرى كان لها دورها في حروب الفرنجة، تاريخها يعبق بعطر الماضي الذي اذاق الفرنجة والمغول ما أذاقهم، وثم صد أكبر خطرين على العالم الإسلامي الفرنجة والمغول.
المواجهه لن تكون مواجهه افراد أو جماعات أنها مواجهة تحمل طابع الدول، ولكن الدول مختلفة حول الأولويات ومنهكة من الحروب والإنقسامات، وخزائنها قاربت على الإفلاس من جراء الحروب الداخلية.
ماذا استفدنا من طرح المشروع الإسلامي الذي جاء في غير وقته، ومن غير أدواته الحقيقية الصحيحة والفاعلة، غير مزيد من الإنقسام، الإسلام لم يرضى لنا هذه الحروب التي لم تقتل غير المسلمين، وطالت أكثر ما طالت السنة والأبرياء، وجاء طرحها في الوسط السني، وتم تسليم الموصل لهم، لتبدأ بعد ذلك حرب الإبادة والتهجير لهم، العمائم السوداء التي اوجدت الحشد الشيعي بكل مسمياته، ما هي أهدافها وما هي ارتباطاتها، ومن يحركها، الإتفاق الأمريكي، الروسي، والتخطيط البريطاني غير المعلن، والدعم الإيراني كلها في النهاية تصب ّ في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة، والتي بدأت كثير من الدول العربية تقترب منه، هذه الأمة مرت بنكبات وتحديات، ولكنها في النهاية إنتصرت، ونحن هنا في الأردن لا زلنا متوازنين، ولم نجر إلى النيران التي حولنا، ومهمتنا هي الحفاظ على بلدنا رغم كبر المؤامرة، وعمق وصول أدواتها، وتناثر العرب دونما بوصلة تحدد اتجاهاتهم.