هناك دائما يوم جديد تدب فيه الحياة كما لم تدب من قبل وقدر الاردن ان يبقى مشدود النظر دائما الى الامام فهكذا كنا وهذا دأبنا في ظل قيادة ملك يقرأ بدقة روح العصر فالقائد الحقيقي لقاطرة الاصلاح هو الملك الذي يختار من الادوات ما يناسب كل مرحلة ومنطقي بل وبديهي ايضا ان تجري بين وقت واخر مراجعات لما تم انجازه وما هو مطلوب ان ينجز في المستقبل.
ولان الملك على وجه التحديد هو ربان سفينة الاصلاح فلا وهم – الا لمن اراد ان يبقى حبيسه – بان تتوقف السفينة او تغير مسارها فالاصلاح بصورته الشمولية ومنه كذلك الاصلاح الاقتصادي هو صنيعة الملك واما ما يشوبه من قصور بين فترة واخرى فهو بفعل تداخلات لم تكن في صلب رؤية الملك لذلك فمن الطبيعي ان يجري جلالته بين فترة واخرى مراجعات لتصحيح المسار والتوثق من صوابية الوجهة.
الاصلاح الذي يهم العباد هو ما ينبغي ان يطاول التعليم بشقيه المدرسي والعالي وكذلك القطاع الصحي ومجمل حلقات الادارة العامة التي اهلكتها المكاتب الخلفية والموازية، هذا على الصعيد الخدمي اما في الشأن الاقتصادي بصورته الكلية فان احدا عاقلا لا يتوقع ان تجري العودة عن مسار حقق انجازات منذ العام 1989 بل المطلوب هو ازالة الشوائب التي علقت ببرنامج الاصلاح مثل التداخل الذي جرى في حالات محددة بين البزنس والادارة العامة وهو تداخل رغم كونه يصنف عادة بمثابة الاعراض الجانبية للعلاج الاقتصادي الا انه عرض قد تصل خطورته حد المرض المراد علاجه .
لا عودة عن تنشيط القطاع الخاص وفتح الابواب له للمشاركة في التنمية ومن يعتقد ان المرحلة المقبلة ستشهد تراجعا عن دعم دور القطاع الخاص اما انه يضحك على نفسه او يحاول ممارسة ذر الرماد في العيون عبر تصوير المشهد بانه حوار صاخب بين ادم سميث وكارل ماركس. اما الاصلاح في بعده السياسي فمدخله المؤسسة التشريعية وليس غيرها والبرلمان القوي هو قطب الرحى في انجاز اصلاح سياسي جدي وقد يكون المدخل الى ذلك قانون انتخاب يرفع من سوية اختيار الناس لممثليهم ويحفظ هوية الدولة ويعيد صياغة مفهوم الارادة العامة، فالبرلمان القوي هو خير عون للملك ولحكومته من جانب وهو كذلك المكان الذي تجري فيه عملية ترشيد رؤى الناس ومتطلباتهم من جانب اخر.
لن نلتفت الى الوراء وعلينا ان نفكر في الكيفية التي تجعل من الاعلام شريكا اصيلا في مسيرة البناء عبر شراكة قائمة على روح النقد فلا يتملق من جهة ولا يزرع بذور الشك من جهة اخرى.