البلافرة .. و عطوة الاعتراف
عدنان الروسان
05-11-2016 03:16 AM
في مثل هذا اليوم من الزمن الغابر للإمبراطورية العجوز التي كانت لا تغيب عنها الشمس ، و التي قتلت أطفال الصينيين لأنهم كانوا يعملون في مزارع القطن في بلادهم التي يحتلها البلافرة فيسرقون من قطنهم المزروع في أرضهم ليصنعوا منه قميصا يقيهم حر الصيف و قر الشتاء ، الإمبراطورية العجوز التي احتلت شبة القارة الهندية و قسمتها إلى دول تتصارع فيما بينها ، و قسمت اليمن إلى يمنين ، و لما لم تجد ما تقسمه قسمت ايرلندا إلى ايرلندا الشمالية و ايرلندا الجنوبية و ربما يصل الأمر بالبلافرة أن يقسموا لندن إلى لندن الشرقية و لندن الغربية .
في مثل هذا اليوم من زمن الإمبراطورية العجوز ، إمبراطورية بلفور و لورنس العرب و كلوب باشا ، أعطى وزير خارجية بريطانيا العجوز المتصابية وعدا لليهود باقامة دولة يهودية لهم في فلسطين ، و سمي الوعد بوعد بلفور نسبة إلى ارثر جيمس بلفور وزير خارجية بريطانيا العظمى ، و قد أقيمت الدولة اليهودية في فلسطين بعدما قام الجيش البريطاني بذبح الفلسطينيين و تقتيلهم و تدمير قراهم و مكن اليهود من القدوم إلى فلسطين تحت حراسة الحراب البريطانية و اعترفت بريطانيا بإسرائيل فور إعلان الدولة و أمدتها بالمال و السلاح و أمدتها فرنسا بالمفاعل النووي الأول ، و أمدتها أمريكا بمدد من عندها ، و هجر الفلسطينيون في كل أصقاع الأرض بفضل المجتمع الدولي و بريطانيا العظمى التي هي صديقة العرب و ما يزال توني بلير رئيس حكومتها السابق و ضابط الإم أي سكس يجول في طول البلاد العربية و عرضها عارضا نصائحه على الحكام العرب .
في مثل هذا اليوم من زمن بريطانيا العجوز التي قاربت على الخرف و ما تزال تتصابي و تتمايل و كأنها في ريعان الشباب و ما يزال الحكام العرب يعتبرون عاصمتها مرابط خيلهم ، و ملكتها تاج رؤوسهم و حكومتها قمة العقلانية و الرشد ، بريطانيا التي ساهمت في ذبح العراق و العراقيين و في تقتيل الأفغانيين المسلمين و في تمزيق كل سوريا اربا اربا ، بريطانيا التي جعلت من فلسطين دولة إسرائيلية يهودية لأخس خلق الله على وجه هذا الكوكب .
في مثل هذا اليوم من ذلك الزمن الغابر قام البلافرة " نسبة إلى بلفور " باعطاء وعدهم المشئوم لليهود ، و صارت فلسطين في خرائط الإمبراطورية العجوز إسرائيل ، و صار الفلسطينيون لاجئين و نازحين و صار اليهود شذاذ أفاق العالم شعب الله المختار ، و أجرت القبائل العربية الصلح مع البلافرة بدون أي عطوة ، لا عطوة اعتراف و لا عطوة أمنية و هذا مخالف لكل الأعراف ، و من هنا لابد لشيوخ العشائر العربية أن يطلبوا من الإنجليز عطوة اعتراف إلا إذا تم التوافق بين العشائر العربية أن العطوة لا تجوز بين أبناء العمومة و أن الدم واحد و أن هفوة وعد بلفور ماهي إلا هفوة بسيطة يمكن أن نغفرها لهم ، و أن عند العرب أراض كثيرة و دولا كثيرة و لا يجوز أن نزعل أبناء العمومة من أجل قطعة أرض صغيرة اسمها فلسطين.
العجوز البريطانية ما زالت تتلاعب بعشائرنا و مشاعرنا و ما تزال نسائنا و بناتنا لا يستطبن التسوق الا في متاجرها و التنزه في شوارعها و التغني بجمالها ، بلفور عشيرتك قوية ما زالت لكن البدوي أخذ ثأره بعد أربعين عاما و قال استعجلت ، مرت السنوات الأربعون لكن ماتروح دينة ووراؤها مطالب .