هواجس من الواقع الحزين .. !
حسين الرواشدة
04-11-2016 01:40 AM
1 – لا يوجد في الاسلام دعوة الى اعتزال الدنيا او مخاصمتها ، ولا معنى لعمارة الآخرة من دون عمارة الدنيا ، والكسب المشروع والمشاركة في التعمير والبناء ، الروحي والمادي ، هو عنوان الاسلام ، بل ان من الذنوب – كما يقول عليه الصلاة والسلام – ذنوبا لا يكفرها الا الهم في طلب المعيشة ،وان من أمسى كالا من عمل يديه ، امسى مغفورا له.
2 – ما لم نتخلص من عقلية الخرافة ومنطق المؤامرة وشهوة السلطة المغشوشة، سنظل ندور في حلبة الحروب والصراعات، نتقاتل ونتبادل الاتهامات والضغائن وسندفع اجيالنا القادمة الى مواصلة الطريق على خطانا وتسديد فواتير عجزنا وفشلنا واصرارنا على الهروب من مواجهة الحقيقة وتعمد السير بعكس تجاه التاريخ.
3 – ما اكثر الاساطير التي تحتشد في مدوناتنا التاريخية والفقهية لدرجة ان المسلم الذي تصور بان الدين جاء لكي يحرره من الخرافة والاسطورة انتهى للاسف – بفعل بعض الذين تقمصوا دور العلماء واصبحوا رجال دين – الى العيش في واقع حزين سادت فيه الخرافة فقهرته واستلبت منه عقله وانسانيته.
4 – لا بد اليوم ان نصارح انفسنا ونعترف بان الكوارث التي حلت بنا والمحن التي نواجهها هي من فعل ايدينا، وبان المشكلة فينا نحن اولا ، اذ لايمكن للآخر ان يتجاسر علينا ويسرح ويمرح في بلداننا لولا اننا تحولنا الى “مركب سهل “ وظهور منحنية ومكسورة، وهياكل فارغة تبحث عمن يتحرك فيها ويملؤها بما يريد وكيفما يريد .
5 – إنَّ أخشى ما أخشاه أن تمتد الحروب التي اشتعلت في بلداننا باسم الدِّين والطائفة والمذهب وتحت رعاية السياسة وفي خدمتها الى مئة سنة او اكثر ، ومن حقنا هنا أن نسأل: ما العمل ؟ وهل من المعقول أن نورث أحفادنا أو – حتى – أبناءهم هذه اللعنة التي حلَّت بنا ، وان نترك لأفراخ داعش التي تتكلم بالسياسية أو الاخرى التي تتغطى بالدِّين ان تقرر مصيرهم بعد ان أقرَّت مصيرنا ومصير ابنائنا؟
6 – لقد تديّنا منذ قرون، ولم نعدم وجود الاتقياء بيننا والمصلحين الصالحين، كما لم تعدم مجتمعنا سمة “الايمان” ووازع الخشية والخوف من الله تعالى، فلماذا لم تتحضر امتنا وبقيت – دون سواها من الامم – في آخر “القائمة” الحضارية.. لماذا ظلت “ضعيفة” مهزومة.. وعالة على غيرها رغم ان “ديننا” هو الباعث على التقدم والنهضة والحضارة.. هل المشكلة في “تديننا” أم في فهمنا للحضارة ام في توظيفنا للدين في اتجاهات لا علاقة للدين بها.. بقدر علاقتنا نحن البشر بترتيبها ومعرفة ما نحن ادرى به من غيرنا في شؤون الدنيا وقضاياها المتجددة؟.
7 – حين يكون الدين مشكلة يجب ان نفكر في اتجاهين : اتجاه الآخر الذي يتحرك للقبض على اعناقنا ونحن ملتبسين (بالدين) على اعتبار ان الدين تهمة ومصدر للتطرف و الارهاب وخطر يستدعي المواجهة، واتجاه الذات التي تتحرك للدفاع عن نفسها باسم الدين، وتتطرف احيانا لتصفية حساباتها بأمر الدين، الذات التي فشلت في تحويل الدين الى (قصة نجاح) ولم تسجل لنفسها باسمه في عصرنا الحاضر أي انجاز، الذات التي (أحبت) الدين وآمنت به أو التي وظفته وأساءت فهمه.
8 – مولانا – يحرضنا على (الجهاد) لكنه لا يفكر أن يسبقنا اليه، ولايسمح لاولاده أن يخرجوا حتى للشارع، مولانا يدعو على الظالمين والمفسدين ويسأل الله أن يحفظ ولاة أمر المسلمين، مولانا يذكرنا بأن الاسلام دين رحمة وبأن رسولنا هو المبعوث رحمة للعالمين ثم يختم دعاءه : اللهم عليك بأعداء الدين، مزّقهم كل ممزق يا رب العالمين.
الدستور