الدعاية والحرب النفسية لداعش
د. عثمان الطاهات
03-11-2016 10:46 AM
تعاريف الدعاية كثيرة ومتنوعة، ولكنها اجتمعت في أنها عملية إثارة إعلامية ونفسية مخططة، للتأثير في اتجاهات وعقول وعواطف ومواقف الجماهير وآرائهم وأفكارهم وسلوكياتهم، وهي نشر معلومات (حقائق أو أكاذيب) باتجاه معين في محاولة منظّمة للتأثير في الآخرين، والدعاية أيضا تعني الإقناع المنظّم بالوسائل غير العنيفة (بإيجاد المعارضة داخل صفوف الأعداء) و هو ما سعى إليه تنظيم الدولة الارهابي، إذ مثّل ظهوره حدثا سريعا، ومفاجئا، كان يحتاج إلى إشهار وتسويق لذا لجأ إلى الفضاء الالكتروني الّذي لا يحتاج إلى تقنية عالية من طرف مستخدميه بالإضافة إلى إمكانية الولوج إليه ببساطة، ناهيك عن كونه النافذة المفتوحة على كل العالم، لذا يعد حاملا جيدا لإيديولوجيته. فاستخدم الدعاية لتحقيق الاهداف التالية:
اولا : في البداية تموقع تنظيم الدّولة الإسلامية على الخريطة الجغرافية في المنطقة العربية، واعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي المتعددة، لعرض قوّة التنظيم من خلال عرض صور و بيانات عن القوّة العسكرية، وعن التقدم الميداني في العراق و نقل آخر التطورات.
ثانيا: سعى التنظيم الى استخدام الدعاية من أجل حذف اسم "داعش" وفرض تسمية "الدّولة الإسلامية" في معظم وسائل الإعلام العالمية والمحلية، حيث كان جنود التنظيم يستخدمون مواقع تويتر وفايسبوك، للفت الانتباه إلى الاسم الجديد وضرورة اعتماده، وفعلا التزمت جميع الوكلات الاعلامية الأمريكية والأوروبية وحتى العربية باسم "الدولة الإسلامية".
ثالثا : انفق تنظيم الدولة الكثير لتعزيز الواجهة الإعلامية له، لترويج ايديولوجيته بحسب وجهة نظره بانها تمثّل الإسلام الصحيح، ودولة الخلافة الّتي تعود لعهد الرسول ( صلى الله عليه وسلّم).
رابعا: استخدم تنظيم الدولة الفضاء الرقمي كذلك، لشن حرب نفسية على نطاق واسع، إذ يتميز التنظيم بوحشيته أو ما يعرف بإدارة التوحش، والّتي جاءت بصفة عمدية مقصودة، تهدف لبث الرعب والخوف فما قام التنظيم من تصويره لأفعال شنيعة كإعدام الشهيد البطل الطيار معاذ الكساسبة، والأقباط المصريين، والصحفي الأمريكي، كلّها كانت بهدف خلق صورة ذهنية عن التنظيم تتمثل في قدرته على التنكيل بأبشع الطرق، وعن استعداده لارتكاب جرائم فضيعة.
خامسا : اصدر التنظيم فيلم "لهيب الحرب" الّذي يعتبر من أضخم الإصدارات، وجاء كرد فعل لإنشاء التحالف الغربي ضده، وجاء إخراج الفيلم بتقنيات عالية وأكد التنظيم من خلاله على قدراته واستعداده للمواجهة.
ويمكن القول ان الاعتماد على الإعلام ليس وليد اليوم ولكنه عرف تطورا كبيرا واهتماما متزايدا بعد التطورات التكنولوجية الحاصلة، الّتي أضافت نوعا جديدا من الـتأّثير يتميز بالسرعة والاتساع، ما جعل النجاح والخسارة لا يرتبطان فقط بالقوة العسكرية، و إنّما يرتبطان كذلك بقوة الأفكار و المعلومات، ومدى القدرة على تحطيم الرّوح المعنوية للخصم، باستخدام مختلف الرسائل الإعلامية، الّتي يتمّ إنتاجها من طرف متخصّصين يتقنون مهمة صنع المعلومة.