الجنيه المصري كان من العملات العالمية التي يشار إليها بالبنان ، ففي عام ١٩٣٩ وأيام حكم الملكية كان الدولار يعادل ٠,٢٠ جنيه فقط وأصبح الدولار يعادل حاليا ١٦,٥ جنيه ووتيرة صعوده مستمرة والقفزة الكبيرة للدولار حدثت بعد ثورة شهر كانون الثاني (يناير) عام ٢٠١١ حيث قفز سعر الدولار من ٦,٥جنيه عام ٢٠١١ الى ١٦,٥ جنية حاليا وبنسبة ١٣٧٪‏ بعد الانخفاض الكبير في احتياطيات مصر من العملات الأجنبية حيث تراجعت من ٣٦مليار دولار عام ٢٠١١الى ١٩مليار دولار حاليا وبنسبة ٤٧٪‏ إضافة الى ارتفاع معدل التضخم الى مستوى ١٦,٤٪‏ وارتفاع معدل البطالة الى حوالي ١٣٪‏ وارتفاع قيمة الدين الخارجي على الحكومة المصرية من ٣٤مليار دولار عام ٢٠١١الى حوالي ٥٦مليار دولار حاليا وارتفاع رصيد الدين الداخلي من ٨٩٠ مليار جنيه عام ٢٠١١ الى ٢٦١٩مليار جنيه حاليا بارتفاع نسبته ١٩٤٪‏ وعجز الموازنة العامة للدولة ارتفع من ٧٤مليار جنيه عام ٢٠١١ الى ٣٢٠ مليار جنيه هذا العام بزيادة نسبتها ٣٣٣٪‏ .

وصندوق النقد الدولي أكد في أكثر من مناسبة أن مصر تمر بازمة على مستوى سعر صرف عملتها ودعا الصندوق الحكومة المصرية الى الإسراع بخفض قيمة الجنيه لتضييق الفارق بين السعرين الرسمي والموازي حيث يبلغ السعر الرسمي للدولار داخل البنوك المصرية والمصارف الرسمية عند سعر صرف ٨,٨٥للشراء في مقابل ٨,٨٨ للبيع

والارتفاع الكبير في سعر صرف الدولار أدى الى اشتعال متواصل في الأسعار والغلاء ، مع العلم أن استنزاف الاحتياطي النقدي المصري وعدم قدرته على تلبية احتياجات السوق أدى الى عرقلة قدرة الشركات على استيراد المكونات الوسيطة ومواد الخام من الخارج مما أدى الى تعثر نمو الاقتصاد المصري والدخول في حالة كساد وتوقف العديد من المصانع والمؤسسات عن الانتاج والعمل كذلك أدى عدم توفر الدولار الى خلق عائق أساسي امام دخول المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في السوق المصري سواء الاستثمار المباشر او الاستثمار في البورصة المصرية وسياسة تسعير الجنيه امام الدولار أدت بانحسار تحويلات المصريين في الخارج في ظل وجود سعرين للدولار وحيث يرفض المغتربون المصريون تحويل الدولار الامريكي عن طريق البنوك بسبب ألفارق الكبير بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي وهو مما ينطبق على المستثمرين الأجانب .

والجدير بالعلم النشاط القوي للمضاربين ساهم به الخلل الهيكلي في الاقتصاد وتراجع الثقة وعدم الاستقرار وحيث يعاني الاقتصاد المصري من تباطؤ النمو وتراجع عوائد قناة السويس والسياحة وحركة تحويلات العاملين في الخارج مع العلم ان فاتورة الاستيراد في مصر تقدر قيمتها سنويا بحوالي ٩٠ مليار دولار يتوفر منها في السوق نحو ٣٠ مليار دولار بفجوة قيمتها ٦٠ مليار دولار والصادرات قيمتها ٢٢ مليار دولار والعجز التجاري تبلغ قيمته حوالي ٣٨ مليار دولار اضافة الى عجز كلي في ميزان المدفوعات مع العلم بان الفائض في ميزان المدفوعات الكلي يعزز قوة العملة والبنك المركزي المصري لايمول سوى ١٥٪‏ من إجمالي الواردات فيما يعتمد المستوردون على السوق السوداء في تمويل باقي الواردات ونسبتها 85% .

وحيث ان الانخفاض الكبير في احتياطيات النقد الأجنبي تساهم في ارتفاع فرق سعر العملة بين السوق الموازي والرسمي فان البنك المركزي المصري لن يدرس تعويم العملة المصرية حتى يتجاوز قيمة الاحتياطي النقدي ٢٥ مليار دولار.

واللافت أن الوديعة الدولارية للإمارات وقيمتها مليار دولار لم تساهم في وقف الارتفاع المستمر في سعرصرف الدولار في السوق السوداء والمودعين المصريين في البنوك يسعون الى تحويل مدخراتهم الى الدولار الامريكي واليورو وهو مايطلق عليه إحلال العملة لوقف خسائرهم مما يساهم في ارتفاع حجم الطلب على الدولار والذي أدى الى تراجع القوة الشرائية لدخولهم وارتفاع مستوى الفقر وبسبب جشع التجار وغياب اليات قادرة على على ضبط الاسواق فان أسعار السلع ترتفع بمعدلات اعلى من ارتفاع قيمة الدولار والمقال القادم سوف نتطرق الى مواضيع هامة تتعلق بوسائل حل مشكلة سعر صرف الدولار وهل هنالك تاثيرات إيجابية للانخفاض الكبير في سعر صرف الجنيه

"الرأي"