سيادة القانون والتنمية الاقتصادية
المحامي الدكتور غازي العودات
02-11-2016 04:02 PM
الحديث عن التنمية الاقتصادية يرتبط بشكل وثيق بسيادة القانون، فلا يمكن للتنمية الاقتصادية أن تحدث في بيئة تنعدم فيها سيادة القانون. وبذات الوقت لا يمكن الحديث عن النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة والقضاء على الفقر والجوع والبطالة إلا بتعزيز سيادة القانون.
لذلك نجد أن جميع دول العالم اتبعت سياسات مختلفة للتنمية الاقتصادية لاستحالة وجود مقياس او سياسة تناسب جميع الدول الا انها أجمعت على أن سيادة القانون هو أساس التنمية الاقتصادية.
لقد أصابت الورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك كبد الحقيقية عندما اعتبر أن سيادة القانون هو "الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والإقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة". كما أضاف جلالته "لا يمكننا تحقيق التنمية المستدامة وتمكين شبابنا المبدع وتحقيق خططنا التنموية إن لم نضمن تطوير إدارة الدولة وتعزيز مبدأ سيادة القانون".
ان أهمية سيادة او حكم القانون في التنمية الاقتصادية يكمن في أن القانون هو المنشىء لكثير من النشاطات الاقتصادية المتعلقة بالشركات والتمويل والملكية والعقود وغيرها كما أنه ينظمها بعد انشائها عن طريق مؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة.
محاولة مزج الاقتصادي بالقانوني للخروج بنموذج تشريعي يساهم في التنمية الاقتصادية ويحكم بيئة الاعمال ليس بالامر اليسير ذلك ان لكل دولة ظروفها الاقتصادية التي يتم من خلالها تحديد وتطوير أدوات الاستثمار خدمة للاهداف التي تسعى اليها. لكن هناك ثلاثة أفكار رئيسية يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار في القوانين عند الحديث عن مسار التنمية المستدامة:
الفكرة الاولى تقوم على أن الاسس القانونية للنشاطات الاقتصادية يجب ان تكون نزيهه وشفافة وفعالة وعادلة. فتعميم التنمية الاقتصادية يحتاج الى تفعيل قوي لحقوق الملكية وقضاء موثوق به يحمي هذه الحقوق.
العديد من القواعد القانونية التي تبنى عليها النشاطات الاقتصادية في الاردن بحاجة الى مراجعة حقيقية كقانون الشركات وقانون البنوك والتمويل والافلاس والعمل والضرائب وغيرها. فهذه القوانين يجب ان تراجع وفق اطار متكامل مع خطة التنمية الاقتصادية بحيث تضع توازناً حقيقياً وعادلاً بين حقوق اطراف العلاقة القانونية الواحدة، كحقوق الاقلية والاكثرية في قانون الشركات والدائن والمدين والعامل ورب العمل والمكلفين بالضرائب وحقوق الخزينة..الخ
الفكرة الثانية تقوم على ان التنمية تحتاج الى الحوكمة الرشيدة. بمعنى ادارة حكومية فعالة ومؤسسات أمنية وشرطية موثوق بها وبكفائتها للحد من الفساد.
يجب زيادة فعالية الاجهزة الحكومية وتحسين جودة خدماتها والسيطرة على الفساد وهذا يتطلب من جانب آخر مشاركة المواطنين وزيادة قدرتهم على إبداء آرائهم في مسائلة الحكومة. السؤال الذي يطرح في هذا السياق هل تقوم الحكومة بوضع الآليات الفاعلة والنزيهه التي من شأنها زيادة المسؤولية عليها؟
الفكرة الثالثة التنمية تحتاج الى حقوق الانسان بحيث تكفل الدولة حمايتها بما فيها الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فعندما يكون الانسان مكبلاً تقل فرصه الابتكارية او الابداعية.
لذا فاننا بامس الحاجة الى اعادة صياغة العلاقة بين الانسان وأرضه ووطنه، فالتنمية لا تستورد ولا تستنسخ وانما بحاجة الى انسان يحمل عبئها وهمها فليس هناك تنمية مستدامة دون انسان مكتمل الحقوق. فحصول الانسان على حقوقه الاساسية يجعله مبتكراً ومنفذاً جيداً لخطط التنمية ويعمل لمصلحة وطنه لا لشخصه.
جلالة الملك قدم نموذجاً في محاولة تشخيص التحديات ومواجهتها بالاصلاح. وعلينا رسم صورة كامله لمشهد التنمية ضمن مبدأ سيادة القانون بحيث تندمج فيه القدرات والطاقات في مشروع تنموي متكامل يقدم حلاً لمشاكل السوق الداخلي ويدعم المنتجات الوطنية ويزيد الاستثمار الاجنبي ويوثق الروابط مع الاقتصاد العالمي.