الموقف التركي من معركتي الموصل والرقة
د. هايل ودعان الدعجة
02-11-2016 01:41 PM
يعتبر الهاجس الأمني من أكبر التحديات والمخاطر التي تواجه تركيا في محيطها الجغرافي الذي يغط بالفوضى والنزاعات الإقليمية والقومية والعرقية والطائفية كغيرها من دول الجوار ، وما الأجواء المشحونة التي تشهدها مدينة الموصل القريبة من حدودها ، والقابلة للانفجار في جميع الاتجاهات ، الا مثالا على حجم التحديات التي تواجه هذا الفضاء الجغرافي وتضعه في دائرة الخطر .
وتعتبر تركيا هذه الأجواء مثالية بالنسبة لبعض التنظيمات والفصائل الطائفية والعرقية لتهديد امنها القومي ، ما دفها لارسال قواتها الى منطقة بعشيقة لمنع أي سيطرة طائفية على الموصل او أي عبث بتركيبتها الديمغرافية سواء من قبل الحشد الشعبي الذي يمثل ميليشيا إيرانية تسعى الى مد النفوذ الإيراني في المناطق العراقية ذات الأغلبية السنية كمنطقة تلعفر ، او حزب العمال الكردستاني ( تعتبره تركيا منظمة إرهابية ) الذي يطمح الى إقامة المشروع الكردي على حدود تركيا ، التي على ما يبدو اتخذت من مسألة حماية التركمان ( والسنة ) في الموصل ، والتطورات التي يشهدها العراق بطريقة تهدد بتغيير حدوده ووحدة أراضيه ، ذريعة للتدخل في معركة الموصل دفاعا عن امنها القومي ، استنادا الى اتفاقية انقرة التي وقعتها مع بريطانيا والعراق عام 1926 ، والتي وان قضت بتبعية ولاية الموصل للعراق ، الا انها في الوقت نفسه منحت تركيا حق التدخل العسكري في الموصل وشمال العراق لحماية الأقلية التركمانية اذا تعرضت لاي اعتداء او لحق بوحدة الأراضي العراقية أي فوضى او تخريب .
خاصة وان الأطراف المشاركة في معركة الموصل تتناقض في دوافعها وأهدافها من وراء هذه المشاركة ، بصورة قد تقود الى تقسيم العراق وتكرس المحاصصة الإقليمية والطائفية .
واللافت ان الحكومة العراقية تتوجس من مشاركة القوات التركية في معركة الموصل وتصفها بانها قوات احتلال ، وهناك ضغوطات ايرانية عليها بهذا الاتجاه ، وبنفس الوقت يتم السماح لإيران بالمشاركة من خلال اداتها الطائفية الشيعية ممثلة بالحشد الشعبي (بمثابة جيش إيراني ) الذي يرتكب من الجرائم والفظاعات الوحشية ما يفوق بكثير ما يرتكبه تنظيم الدولة بحق اهل السنة ، وبشكل ممنهج لتنفيذ الاجندة الطائفية التوسعية لإيران ، لتمضي بتنفيذ مخططها لاستكمال حزامها الشيعي من حدودها الى الساحل السوري مرورا بالاراضي العراقية عبر تلعفر والموصل .
واذا ما اضفنا الى ذلك احتمالية قيام تحالف بين الحشد الشيعي وحزب العمال الكردستاني ، معنى ذلك ان الأمور قابلة للتصعيد وقد تشهد حدوث صراعات بين تركيا والعراق او بين تركيا وايران بصورة قد تحدث تغييرا في التوازنات الإقليمية .
وبالنسبة الى موقف تركيا من معركة الرقة ، فهو مرتبط بتخوفها من الاحتمالات او النتائج التي قد تسفر عنها معركتي الموصل والرقة من حيث تعزيز تطلعات الاكراد في إقامة كيان مستقل على شكل اتصال جغرافي بين المناطق الكردية في العراق وسوريا وتركيا ، التي تدرك أيضا ان الولايات المتحدة لم ترفع الغطاء عن دعمها لقوات سوريا الديمقراطية ، ووحدات حماية الشعب الكردية ذراع حزب الاتحاد الديمقراطي ، الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني ، والتي تعتمد عليها في محاربة داعش ، حتى ان حزب الاتحاد الديمقراطي طالب امريكا بالاعتراف بالحكم الفدرالي المنوي الإعلان عنه ، وتقديم اسلحة متطورة له ، ودعم مشاركة الاكراد بوفد مستقل الى مباحثات جنيف بشأن الازمة السورية .
الامر الذي دفع تركيا لبدء عملية درع الفرات لحماية امنها القومي ، وإقامة منطقة امنة في شمال سوريا التي توغلت بها وبمساحة 5000 كيلوا مترا ، ودعم قوات الجيش السوري الحر ، التي تمكنت من طرد داعش من جرابلس و الراعي ودابق .
إضافة الى الحد من تمدد الاكراد على الجبهة الجنوبية مع سوريا بعد عبورهم شرق نهر الفرات الى غربه ، واخراجهم من منبج لكبح طموحهم في الحصول على المزيد من الأراضي في سوريا لاقامة الكيان الفدرالي الذي يسعون له .