لماذا تتشددون مع ابناء غزة؟!
ماهر ابو طير
01-11-2016 12:36 AM
تبدو مفارقة ان كل القرارات الحكومية، التي تمنع غير الاردنيين من العمل في القطاع العام والخاص، لايتم تنفيذها، الا على اهالي غزة، فيما نرى الاشقاء من سورية ومصر واليمن ودول اخرى، يعملون في كل القطاعات سرا، من الصيدليات وصولا الى المدارس.
ملف ابناء غزة، تتم اثارته دوما بشكل خاطئ، ويتعمد البعض تسميمه، فابناء غزة، في اغلبهم لايطالبون بارقام وطنية، ولاجنسية، ولامحاصصة سياسية، وكل مايريدونه هو العيش بكرامة، وهم هنا منذ عقود، يعيشون بين الاردنيين، ويجاورون الجميع، وصلات النسب، بين الناس، ملموسة ومعروفة، ولايمكن اصلا، اعتبار كتلة الغزيين، كتلة عربية بالمعنى المتعارف عليه قانونيا، لان هؤلاء ليسوا عمالة وافدة، ولايمكن اعتبار عودتهم الى بلادهم ممكنة على الاقل خلال هذه العقود.
هذا يعني ان سياسات الحكومات المتعاقبة تجاه ابناء غزة، فيها مبالغة، فلماذا لايتم السماح للغزيين بالعمل في القطاع الخاص، وقد سمعنا عن منع وزارة التربية والتعليم، الغزيين والغزيات من العمل في المدارس الخاصة، وهذا امر نراه حتى في المهن الاخرى، فالغزي يحصل على شهادة، وممنوع عليه العمل فيها، برغم كل المطالبات العاقلة والراشدة، بمنحهم مسربا خاصا، للتسجيل في النقابات، والسماح لهم بالعمل، في القطاع الخاص.
المقارنة بين منع الغزيين، ومنع العرب، مقارنة جائرة، فالعربي، ياتي للعمل اساسا، ويغادر، لكن الغزي مقيم، ولايعرف الا الله، سنوات اقامته الممتدة منذ عقود، والى متى سيبقى هنا، فكيف يمكن ان نسمح بنشوء طوائف مهمشة، ومنبوذة بهذه الطريقة، وعلينا ان نسأل اذن اين البطولات الحكومية، على مئات الاف العرب، الذين يعملون سرا في كل القطاعات، ونراهم في القطاعات المغلقة ايضا على الاردنيين، فيما حكوماتنا تحصل على قروض من اجل تشغيل السوريين، وهذا ليس تحاسد سياسي، بل مؤشر على الاخطاء الكبرى، التي نتورط فيها، فنسمح للغزي بالحصول على شهادة جامعية في كل التخصصات، ولانسمح له بالعمل، ونحوله الى انسان محطم على كل المستويات، برغم انه يعيش بيننا، ومشاكله ممتدة الينا، ولايمكن توقع نجاح عزله اجتماعيا، فهو واحد من بنية المجتمع لاعتبارات كثيرة.
الاولوية بطبيعة الحال للاردنيين، لكننا على الاقل نطرح الموضوع من زاوية محددة، فقط، تقول انه لايجوز اعتبارهم مثل العرب، وتطبيق ذات التعليمات عليهم، لان لهم وضع مختلف يرتبط بالاحتلال، واستحالة العودة، ولانهم باتوا جزءا من المجتمع على مستويات كثيرة، ولانهم ايضا، لايطالبون بحقوق سياسية، ولا مراكز ولامواقع ولاغيرذلك، سوى ان يعيشوا من كسبهم، فكيف ونحن نرى هذا المنع، وبكل هذه القوة، فيما مئات الاف العرب يتسربون الى المهن المغلقة على الاردنيين، ولايشتد قوس التعليمات والمتابعة ضدهم.
اننا نطالب الجهات المختصة بشكل واضح، برفع هذا المنع عن ابناء غزة المقيمين هنا، منذ عقود، والسماح لهم بالعمل في تخصصاتهم، فعددهم في الاساس قليل، ولايمكن ان يهدد هذا العدد البنية العامة، ولا فرص الاردنيين، فهذه مبالغات، تسقط امام مانراه من فوضى عارمة في سوق الوظائف، التي باتت تتوزع على كل العالم العربي، فيما نحن نتشدد مع ابناء غزة، برغم اداركنا ان قصتهم مختلفة تماما لمليون سبب.
الدستور