لبنان يطوي صفحة الرئاسة ويفتح صفحات
عمر كلاب
01-11-2016 12:32 AM
اذا كان لبنان الشقيق قد طوى صفحة رئاسة الجمهورية باختيار العماد ميشيل عون رئيسا , فإن المشهد اللبناني فتح صفحات تحتاج الى قراءة وملاحظة مبكرة وخصوصا على صعيد الجارة سوريا , فالدولة اللبنانية محكومة بتوازنات الاقليم المتناقض وحسابات الداخل المعقد , الذي أخّر انتخاب رئيس لبنان 890 يوما بالتمام والكمال , بانتظار اتفاق المكونات السياسية المتناقضة على شخصية الرئيس ومباركة القوى الاقليمية على توافق المكونات الداخلية رغم ان الرئيس يتمتع بصلاحيات محدودة ومنصبه شرفي وليس تنفيذيا , لكن ذلك لا يقلل من دلالة انتخاب العماد عون الخصم السابق لجارته سوريا والحليف اللاحق لها .
العماد عون تحالف مع حزب الله اللبناني منذ بواكير العام 2008 بعد مصالحته التاريخية مع سوريا , وخسر جرّاء ذلك تحالف تيار المستقبل بقيادة سعد الحريري وخسر كذلك الدرزي القوي وليد جنبلاط , ورغم التباين الحاد بين الحريري وجنبلاط من جهة وعون وحزب الله من جهة اخرى الا ان الفرقاء الاربعة دعموا اخيرا ترشيح العماد عون مما يفتح باب الاسئلة عن احتمالية حدوث تسويات كبرى على الملف السوري , فالحريري رجل المملكة السعودية وحزب الله ممثل ايران فكيف التقت الارادتان على الرئيس الجديد دون مباركة عواصم القرار ؟ وهل تسوية ملف الرئاسة في لبنان مقدمة لتسويات اكبر بين السعودية وايران على الملعب السوري ؟ فعامل النكاية الذي يضعه بعض المحللين في توافق الحريري ونصر الله لا يمكن ان يصل الى حد التمرد او الانقلاب على الرياض من الحريري ولا يستطيع نصر الله ابرام اتفاق معه دون مباركة طهران .
صحيح ان المبدأ في السياسة ضرب من الخيال , لان المصلحة هي الاساس في السياسة , فهل التقت المصالح او التمهيد للقائها في سوريا وعليه يكون التوافق على رئاسة عون تاليا مناورة بالذخيرة الحية على الارض اللبنانية تمهيدا للتوافق الاكبر في سوريا التي بدأت تستعد لحسم معركتها مع تنظيم الدولة الارهابي ؟ سؤال يكتسب شرعيته من مدى حساسية الساحة اللبنانية من أثر اللاعب السوري الرئيس في لبنان وعدم امكانية التفريط بالساحة اللبنانية وتأثيرها من اللاعب السوري , فالدولة اللبنانية منذ التكوين حديقة خلفية لدمشق لا يمكن التفريط بها ودمشق كذلك شريان الدولة اللبنانية البري الوحيد الى العالم ولا فضاء للحياة لكليهما دون التعايش بالرضى او تحت وطأة المصلحة والحاجة .
تصاعد الدخان الابيض من بيت البرلمان اللبناني له توابعه وله حساباته فهو ليس مجرد توافق بين فرقاء متنافسين او متصارعين باوراق وحسابات محلية , فكل مكون لبناني له حبله السري خارج لبنان ودون التقاء مصالح العواصم الداعمة لن يتمكن لبنان من اختيار رئيسه , وهذه المدخلات كلها تشير الى حالة توافق بين الرياض وطهران ودمشق وبيروت على سيد البيت اللبناني الشرفي , وهذا يعني ان من خسر نسبيا في لبنان سيحتاج الى تعويض في سوريا , فهل ثمن القادم دخول التكوينات السياسية والعسكرية المدعومة من الرياض على خط الحل القادم بعد التخلص من داعش حصرا , وبالتالي يعاد تعريف اسماء هذه التكوينات بما يتلاءم مع الحل على حساب المضمون العسكري والمرجعي ام التوازنات انقلبت فعلا والمثلث الايراني السوري النصراوي حسم المعركة بدعم من الدب الروسي والتنين الصيني ؟
ابتسامة الحريري وانحناءة ظهر جنبلاط المعدولة لا تشي بالهزيمة او الانصياع لضغوط الخصوم وكذلك احتفالات عون وابتهاج نصر الله يكشفان ان التفاهم هو الذي وقع وليس حسم الامور على الارض السورية من لدن المثلث المقلوب , أي ان تسويات قادمة كبرى في طريقها وتنتظر حسم الامور في الرقة وانتهاء الانتخابات الامريكية .
الدستور